أو أربعة مثلا فيجوز التخصيص حينئذ إلى الاثنين ، وما لا ينحصر أفراده فاعتبر بقاء جمع يقرب من مدلول العامّ.
والأظهر عندي دوران الأمر في الجواز والمنع مدار الاستنكار والاستقباح العرفي ، فكلّما لم يكن مستقبحا بحسب العرف يجوز التخصيص على حسبه ، ومع الاستقباح يمنع منه ، وذلك ممّا يختلف جدّا بحسب اختلاف المقامات.
لنا على الجواز مع عدم الاستقباح : إنّه إن كان التخصيص على وجه الحقيقة من دون لزوم تجوّز في المقام فظاهر ، وإن كان على وجه التجوّز فلما عرفت سابقا من دوران الأمر في المجاز مدار عدم الاستقباح ، وعدم إباء العرف عن الاستعمال ، من غير لزوم مراعاة شيء من خصوصيات العلائق المعروفة ، ولو سلّم اعتبار تلك الخصوصيّات فعلاقة العامّ والخاصّ من جملة تلك العلائق ، وهو الحاصل في العمومات المخصوصة. والقول بكون المراد به العامّ والخاصّ المنطقي دون الاصولي موهون بما سيجيء بيانه إن شاء الله ، مضافا إلى أنّه يمكن حصول علاقة المشابهة في المقام أيضا وإن كان الباقي أقلّ إذا كان مقاربا للكلّ في الثمرة ، كما في قولك «أخذت كلّ ما في الصندوق» وفيه آلاف من الأشياء وقد أخذت واحدا منها يعادل في القيمة جميع الباقي ويزيد عليه ، وقولك «أكلت كلّ رمّانة في المحرز إلّا ما كان فاسدا» ولم يكن الصحيح منه إلّا أقلّه ، وقد يكون ذلك من جهة إفادة المبالغة في دعوى المشابهة وكون الباقي كالعدم ، كقول الضيف للمضيف «أكلت كلّ ما في الخوان» وإنّما أكل قليلا منه ، إلى غير ذلك من الأمثلة.
وعلى المنع منه مع الاستقباح : أنّ التخصيص إمّا تجوّز في لفظ العامّ ، أو تصرّف في مدلوله على وجه يقضي بالتصرّف في اللفظ ، وكلا الأمرين يتوقّف على ترخيص الواضع وهو غير حاصل مع استقباحه في العرف ، ولو قيل بعدم توقّفه عليه في الوجه الأخير فلا ريب في قضاء منعه منه بعدم الجواز ، والقبح العرفي كاشف من حصول المنع.
فإن قلت : إنّ الاستقباح الحاصل في المقام ليس من جهة قبح نفس