على الرجوع إلى ظنّ آخر ، ويؤول الأمر أيضا إلى وجوب الرجوع إلى كلّ ظنّ لانتفاء المرجّح على حسب ما مرّ ، فلا يتمّ التقريب المذكور.
قلت : بناء على اختيار الوجه المذكور لا نسلّم قيام الدليل القاطع على حجّية خصوص شيء من الأخبار كيف؟ ومن البيّن أنّ غالب التوثيقات الواردة من علماء الرجال ليس من قبيل الشهادة حتّى يقوم تعديل معدّلين منهم مقام العلم ، ومع ذلك فقيام الدليل القاطع على قيام شهادة الشاهدين مقام العلم في المقام محلّ منع ، ومع الغضّ عنه فحجّية خبر الثقة مطلقا ممّا لم يقم عليه دليل قطعي ، وإذا لم يقم دليل قاطع على حجّية خصوص شيء من الأخبار كان الحال على نهج واحد ، وكان الأمر دائرا مدار الظنّ حسب ما قرّرناه ، ولو فرض قيام دليل قاطع على حجّية بعض أقسامه فهو أقلّ قليل منها ، ومن البيّن أنّه لا يكتفي به في الخروج عن عهدة ذلك التكليف. ومن المعلوم كون التكليف بالرجوع إلى الكتاب والسنّة في يومنا هذا زائدا على القدر المفروض. وبملاحظة ذلك يتمّ التقريب المذكور.
والفرق في ذلك بين نصوص الكتاب وظواهره إن كان الملحوظ فيه حصول القطع من الأوّل دون الثاني فهو فاسد ، إذ دعوى حصول القطع من النصوص مطلقا غير ظاهرة حسب ما قرّر ذلك في محلّه. وإن كان المقصود دعوى القطع بحجّيتها دون الظواهر نظرا إلى حصول الاتّفاق على حجّية النصوص دون غيرها ففيه أنّه
__________________
ـ المطلق الثابت بدليل الانسداد ، فإذا انسدّ طريق العلم بالسنّة الواقعيّة فاللازم الأخذ بالظنّ بكونها سنّة.
ومن المعلوم أنّ الظنّ الحاصل من الشهرة وأخواتها من الظنون المطلقة مساوية مع الأخبار في كونها كاشفة ظنّا عن السنّة الواقعية ، أعني القول أو الفعل أو التقرير الصادر من المعصوم عليهالسلام ، فهذا هو الاستدلال المشهور لحجّية الظنّ المطلق في الأحكام الواقعيّة مع اختلال وفساد في تقريره ، من جهة أنّ وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنّة ليس لذاته ، بل لأجل ثبوت التكليف بالأحكام الواقعيّة الموقوف معرفتها على الرجوع إلى الكتاب والسنّة ، فهذا بعينه دليل المشهور على مطلق الظنّ. من شيخنا الشيخ المرتضى أدام الله إفادته (من هامش ط. والظاهر أنّه من الشيخ محمّد باقر نجل المؤلّف قدسسرهما).