لنا : أنّ الأمر طلب لايجاد الفعل ، والنهي طلب لعدمه ؛ فالجمع بينهما في أمر واحد ممتنع. وتعدّد الجهة غير مجد مع اتّحاد المتعلّق ؛ إذ الامتناع إنّما ينشأ من لزوم اجتماع المتنافيين في شيء واحد. وذلك لا يندفع إلّا بتعدّد المتعلّق ، بحيث يعدّ في الواقع أمرين ، هذا مأمور به وذلك منهيّ عنه. ومن البيّن أنّ التعدّد بالجهة لا يقتضي ذلك بل الوحدة باقية معه قطعا ؛ فالصلاة في الدار المغصوبة ، وإن تعدّدت فيها جهة الأمر والنهي ، لكن المتعلّق الذي هو الكون متّحد ؛ فلو صحّت ، لكان مأمورا به ـ من حيث انّه أحد الأجزاء المأمور بها للصلاة وجزء الجزء جزء والأمر بالمركّب أمر باجزائه ـ ومنهيّا عنه ، باعتبار أنّه بعينه الكون في الدار المغصوبة ، فيجتمع فيه الأمر والنهي وهو متّحد. وقد بيّنا امتناعه ؛ فتعيّن بطلانها.
احتجّ المخالف بوجهين ، الأوّل : أنّ السيّد إذا أمر عبده بخياطة ثوب ، ونهاه عن الكون في مكان مخصوص ، ثمّ خاطه في ذلك المكان ، فانّا نقطع بأنّه مطيع عاص لجهتي الأمر بالخياطة والنهي عن الكون.
الثاني : أنّه لو امتنع الجمع ، لكان باعتبار اتّحاد متعلّق الأمر والنهي ، إذ لا مانع سواه اتّفاقا. واللازم باطل ؛ إذ لا اتّحاد في المتعلّقين. فانّ متعلّق الأمر الصلاة ، ومتعلّق النهي الغصب ، وكلّ منهما يتعقّل انفكاكه عن الآخر ، وقد اختار المكلّف جمعهما ، مع إمكان عدمه. وذلك لا يخرجهما عن حقيقتهما اللتين هما متعلّقا الأمر والنهي ، حتّى لا يبقيا حقيقتين مختلفتين ؛ فيتّحد المتعلّق.
والجواب عن الأوّل : أنّ الظاهر في المثال المذكور إرادة تحصيل خياطة الثوب بأيّ وجه اتّفق. سلّمنا ، لكن المتعلّق فيه مختلف ، فانّ الكون ليس جزء من مفهوم الخياطة ، بخلاف الصلاة. سلّمنا ، لكن نمنع