كونه مطيعا والحال هذه. ودعوى حصول القطع بذلك في حيّز المنع ، حيث لا يعلم إرادة الخياطة كيف ما اتّفقت.
وعن الثاني : أنّ مفهوم الغصب ، وإن كان مغايرا لحقيقة الصلاة ، إلّا أنّ الكون الذي هو جزؤها بعض جزئيّاته ؛ إذ هو ممّا يتحقّق به. فاذا أوجد المكلّف الغصب بهذا الكون ، صار متعلّقا للنهي ، ضرورة أنّ الأحكام إنّما تتعلّق بالكلّيّات باعتبار وجودها [في ضمن الأفراد] ، فالفرد الذي يتحقّق به الكلّيّ هو الذي يتعلّق به الحكم حقيقة. وهكذا يقال في جهة الصلاة ، فانّ الكون المأمور به فيها وإن كان كلّيّا ، لكنه إنّما يراد باعتبار الوجود. فمتعلّق الأمر في الحقيقة إنّما هو الفرد الذي يوجد منه ، ولو باعتبار الحصّة التي في ضمنه من الحقيقة الكلّية ، على أبعد الرأيين في وجود الكلّيّ الطبيعيّ.
وكما أنّ الصلاة الكلّيّة تتضمّن كونا كلّيّا ، فكذلك الصلاة الجزئيّة تتضمّن كونا جزئيّا؛ فاذا اختار المكلّف إيجاد كلّيّ الصلاة بالجزئيّ المعيّن منها ، فقد اختار إيجاد كلّيّ الكون بالجزئي المعيّن منه الحاصل في ضمن الصلاة المعيّنة. وذلك يقتضي تعلّق الأمر به. فيجتمع فيه الأمر والنهي ، وهو شيء واحد قطعا ؛
فقوله : «وذلك لا يخرجهما عن حقيقتهما ، الخ» ، إن أراد به خروجهما عن الوصف بالصلاة والغصب ، فمسلّم ، ولا يجديه ؛ إذ لا نزاع في اجتماع الجهتين ، وتحقّق الاعتبارين ؛ وإن أراد أنّهما باقيان على المغايرة والتعدّد بحسب الواقع والحقيقة ، فهو غلط ظاهر ومكابرة محضة ، لا يرتاب فيها ذو مسكة.
وبالجملة فالحكم هنا واضح ، لا يكاد يلتبس على من راجع وجدانه ، ولم يطلق في ميدان الجدال والعصبيّة عنانه.