مع عدم علمنا بمصادفتها للخبر الضعيف ، بل وعدم مصادفتها له واقعا ، فإنّه إذا كان المناط والملاك في الحجّية هو نفس الشهرة دون غيرها لزم صحّة الاعتماد عليها مهما حصل، وإن لم ينضمّ الرواية إليها ، كيف؟ ومن الواضح أنّ عدم انضمام غير الحجّة إلى الحجّة لا يوجب سقوط الحجّة عن الحجّية ، ففي ما حكموا به من عدم حجّية الشهرة الخالية عن الخبر أقوى شهادة على عدم كون الشهرة حينئذ هي الحجّة عندهم.
فإن قلت : إنّ ذلك بعينه جار في الخبر أيضا فإنّهم لا يقولون بحجّية الخبر الضعيف في نفسه كالشهرة الخالية عن الخبر.
قلت : غاية ما يلزم من ذلك أن يكون الحجّة حينئذ هو مجموع الأمرين المنضمّين من دون أن يقال بحجّية كلّ منهما منفردا ولا مانع من التزامه. وما اورد عليه من أنّ انضمام غير الحجّة إلى مثله لا يجعل غير الحجّة حجّة أوهن شيء ، إذ من البيّن تقوية كلّ منهما بالآخر، فلا مانع من بلوغها بعد الانضمام إلى درجة الحجّية إذا قام الدليل عليه كذلك حسب ما فرض في المقام ، فلا داعي إذن إلى التزام كون الحجّة هي الشهرة ، ويشير إليه أنّه قد ينتهي الأمر في انضمام الظنون بعضها إلى البعض إلى الوصول إلى حدّ القطع ، فيكون حجّة قطعا كما ترى في الخبر المتواتر ، لحصول القطع هناك من تراكم الظنون الحاصل من الآحاد مع عدم بلوغ شيء من آحاده إلى درجة الحجّية مع ضعف راويه ، فأيّ مانع منه في المقام؟
ومع الغضّ عن ذلك أيضا فنقول : إنّ الحجّة عند أصحابنا هو الخبر الموثوق به المظنون الصحّة والصدور عن المعصوم. وإثبات حجّيته يتوقّف على قيام الدليل عليه ، وقد بيّن في محلّه والشهرة المفروضة من أسباب الوثوق والاعتماد فهي محقّقة للموضوع المفروض من غير أن يكون هي بنفسها حجّة شرعيّة ، ولا يثبت بها إذن حكم شرعي حتّى يتوقّف على قيام الدليل على حجّيته في الشرع ، بل الحاصل به حكم عادي ، أعني الاعتماد والوثوق بصدق الخبر. ولا يتّجه القول بعكس ذلك بأن يجعل الخبر محقّقا لموضوع ما هو الحجّة من الشهرة حسب ما قد