يتخيّل في المقام ، إذ ذاك ـ مع عدم مساعدة شيء من عبائرهم له ، بل صراحتها في خلافه ـ ممّا يأبى عنه الطبع السليم ، بل الاعتبار الصحيح شاهد على أنّ وجدان الرواية الضعيفة لا مدخل له في كون الشهرة مثبتة للحكم موصلة إلى الواقع ، فإنّ الظنّ الحاصل منها يتحقّق في الصورتين كما يشهد به الوجدان ، وانضمام الخبر إليها لا يوجب مزيد وثوق بها لو لم يوجب وهنا ، إذ مع عدم الاستناد إلى الرواية الضعيفة يحتمل قويّا وجود مستند واضح لهم ، حتّى أنّه اعتمد الجمهور عليه. ومع استنادهم إلى الرواية الضعيفة يظهر كون ذلك هو المستند، فيضعف الظنّ المذكور وإن أمكن الذبّ عنه بأنّ ضعف الرواية عندنا لا يستلزم ضعفها في الواقع ، فيستكشف من الشهرة المفروضة كونها معتبرة قابلة للتعويل والاعتماد ، إلّا أنّ ذلك لا يقتضي ترجيح الظنّ الحاصل منها في هذه الصورة على الظنّ الحاصل منها في الصورة الاخرى.
أقصى الأمر مساواة هذه الصورة للاخرى إن لم يرجّح الاخرى عليها ، وبناء الأمر في التفصيل بين الوجهين في الحجّية وعدمها على التعبّد المحض بعيد جدّا ، بل ممّا لا وجه له أصلا.
وقد يجاب أيضا عن الإيراد المتقدّم عن صاحب المدارك ليدفع به الاحتجاج المذكور بأنّا نختار كون الحجّة هي الرواية المنجبرة بالشهرة ، نظرا إلى استفادته من آية النبأ ، لظهورها في جواز الاتّكال على خبر الفاسق بعد التبيّن ، فإنّ الله سبحانه لم يأمر بطرح الرواية الضعيفة ، بل أمر فيها بالتثبّت واستظهار الصدق ، فإن ظهر عمل بها ، وإلّا طرحت. ولا ريب أنّ الشهرة ممّا يحصل التثبّت بها ويستظهر صدق الخبر معها.
وأورد عليه بعض الأفاضل : بأنّه مبنيّ على تعميم التبيّن بها للتبيّن الظنّي ، وهو منظور فيه ، إذ ليس معناه لغة إلّا انكشاف حقيقة الخبر وصدقه ، ولا يحصل ذلك إلّا بكونه محصّلا للعلم به ، والأصل بقاء هذا المعنى إلى أن يظهر من أهل العرف خلافه بحيث يفهم شموله للظنّ الحاصل من نحو الشهرة ، بل الظاهر منهم خلافه