ومطلوبيّة الترك كذلك أوّل المسألة ، والقائل بجواز التكليف بالمحال لا يقول به.
ثانيها : أنّ إيجاب الشارع للفعل يفيد حسنه ونهيه عنه يفيد قبحه ، فيلزم من اجتماع الأمر والنهي كذلك اجتماع الحسن والقبح في شيء واحد من جهة واحدة وهو جمع بين الضدّين.
ويضعفه : أنّه إنّما يتمّ عند العدليّة القائلين بالتحسين والتقبيح العقليّين.
وأمّا الأشاعرة المجوّزون للتكليف بالمحال فلا يقولون به ، وليس مفاد الحسن عندهم إلّا ما تعلّق به أمر الشارع والقبيح إلّا ما تعلّق به نهيه ، ولا يتفرّع على أمره ونهيه تعالى حسن عقلي للفعل ولا قبح كذلك ، فإنّه كما ينكر الحسن والقبح العقليّين مع قطع النظر عن أمر الشارع ونهيه كذا ينكرهما بعد تعلّق الأمر والنهي أيضا ، بل ينكر ذلك ولو على فرض تسليمه للأوّل ، حيث إنّه يمنع وجوب شكر المنعم الحقيقي على فرض تسليم الحسن والقبح العقليّين ، فلا يحصل للفعل من تعلّق أمر الشارع به إلّا كونه مأمورا به ولا من تعلّق النهي به سوى كونه منهيّا عنه ، وهو مفاد الحسن والقبح الشرعيّين عنده. ومن البيّن أنّه لا تضادّ بين الأمرين المذكورين بحسب أنفسهما ليلتزم القائل بجواز التكليف بالمحال بالمنع منه.
نعم لا يمكن ذلك عند العدليّة القائلين بالتحسين والتقبيح العقليّين.
ثالثها : أنّ اجتماع الأمر والنهي يقتضي اجتماع الضدين بالنظر إلى الآمر فإنّ الآمر مريد للفعل كما أنّ الناهي مريد للترك ، واجتماع الإرادتين بالنسبة إلى شيء واحد في زمان واحد اجتماع للضدّين.
ويدفعه : أنّه إنّما يتمّ إذا قلنا باشتمال الأمر والنهي على إرادة الفعل والترك وليس الحال كذلك عند القائل المذكور ، إذ ليس الأمر والنهي عندهم إلّا نوعين من الطلب ، والطلب عندهم يغاير الإرادة النفسيّة ، إذ ليس الطلب عندهم إلّا نفس الاقتضاء الإنشائي الحاصل بالأمر والنهي دون الإرادة النفسيّة الحاصلة مع قطع النظر عن الأمر والنهي ، وقد مرّ بيان ذلك في مقامات عديدة. هذا على مذهب هؤلاء الجماعة. وقد عرفت أنّ التحقيق عندنا اتّحاد الطلب والإرادة الفعليّة