وعن الخنجي الحكم بإدراج المكروه في القبيح فيختصّ الحسن بثلاثة من الأحكام ذكر ذلك في بيان الحدّ المعروف من المعتزلة ، وقد أشرنا إليه.
وفيه أنّ الظاهر من الحدّ المذكور شمول الحسن للمكروه ، إلّا أن يقال : إنّ الظاهر منه ما يكون له فعله من دون غضاضة عليه ، وهو في محلّ المنع.
وعن شارح المنهاج الحكم بإدراج المكروه في القبيح في الحدّ المنسوب إلى الأشاعرة ، وكأنّه لاحظ كون المكروه ممّا نهي عنه عندهم ، وهو كما ترى ، إذ كما أنّه ليس المندوب بمأمور به عند الجمهور وكذا المكروه ليس بمنهيّ عنه عندهم ، ومعه لا يتمّ الكلام المذكور.
نعم إنّما يتمّ ذلك على القول بكون النهي حقيقة في الأعمّ وظاهر الشهيد الثاني في التمهيد عند بيان الحدّ المذكور إدراج المكروه في الحسن ، وهو أوفق بظاهر الحدّ ، هذا.
وقد يورد في المقام : أنّ الظاهر من الحدود المذكورة اختلاف معنى الحسن والقبح عند الفريقين من غير اشتراك بينهما إلّا في التسمية ، إذ المعتزلة يقولون بكون الحسن صفة قائمة بالفعل من شأنها استحقاق المدح عليه عند العقل أو عدم ترتّب الذمّ عليه ، وكون القبح صفة قائمة به من شأنها استحقاق الذمّ عليه ، والأشاعرة يقولون بكون الحسن عبارة عن كون الفعل ممّا مدح الشارع فاعله ، أو حكم بعدم ذمّه ، والقبح كونه ممّا ذمّ عليه من غير حصول استحقاق للمدح أو الذمّ في الصورتين ، ولا حصول صفة باعثة عليه بعد حكم الشرع أو قبله ، فلا جامع ظاهرا بين المعنيين ليكون ذلك المعنى متّفقا عليه عند الفريقين ، ويكون الحسن والقبح عبارة عنه ليقع الخلاف في كونه عقليّا أو شرعيّا ، بل الخلاف بينهم في معنى الحسن والقبح دون وصفهما كما هو ظاهر عنوان البحث.
ويمكن الجواب عنه بأنّ الحسن بالمعنى الّذي وقع فيه الخلاف كون الفعل بحيث يترتّب عليه المدح ، إذ لا يترتّب الذمّ عليه والقبح كونه يترتّب الذمّ عليه ، ولا خلاف بين الفريقين في تفسير الحسن والقبح بالمعنى المذكور ، وإنّما الكلام