ما يستفاد من الدليل الآتي ـ أنّ البحث في تعلّق الأمر والنهي بكلّيين يكون النسبة بينهما عموما من وجه وأنّ ذلك هل يقتضي تقييد أحدهما بالآخر؟ فيكون المأمور به والمنهيّ عنه غير مورد الاجتماع ، أو أنّه لا حاجة إلى الالتزام بالتقييد؟ بل يؤخذ بمقتضى الإطلاقين غاية الأمر اجتماع المأمور به والمنهيّ عنه في مورد اجتماع الطبيعتين.
وأمّا توارد الأمر والنهي على خصوص الفرد فلا يصحّ ولو تعدّدت جهتا الأمر والنهي، إذ بعد فرض تعلّقهما بخصوص الشخص لا يجدي تعدّد الجهة ، ولذا نصّ بعضهم بابتناء النزاع في المقام على تعلّق الأمر والنهي بالطبائع أو الأفراد فيقال بالجواز على الأوّل ويتعيّن المنع على الثاني.
فعلى هذا يشكل الحال فيما قرّره المصنّف في بيان محلّ النزاع ، إلّا أنّ ما ذكره موجود في كلام جماعة من الاصوليّين منهم العلّامة في النهاية والقاضي عبد الوهّاب في جمع الجوامع والزركشي في شرحه والآمدي والحاجبي والعضدي حيث حرّروا محلّ النزاع على الوجه المذكور ، ويمكن الجمع بين الوجهين وإرجاع أحدهما الى الآخر ، بأن يقال : إنّ المقصود من تعلّق الأمر والنهي بالواحد الشخصي من جهتين هو تعلّق التكليفين المفروضين بالفرد بملاحظة الجهتين الحاصلتين فيه ، فيكون المطلوب بالذات فعلا أو تركا هو نفس الجهتين ، ويكون الفرد مطلوبا كذلك تبعا بملاحظة حصول الجهة المفروضة فيه وانطباقها عليه سراية من الجهة المفروضة إلى الفرد. وهذا بعينه مقصود الجماعة من المتأخّرين من تقرير النزاع في بقاء إطلاق التكليفين عند تعلّقهما بالطبيعتين اللتين بينهما عموم من وجه ، لاجتماع الأمر والنهي حينئذ في الفرد الّذي يكون مصداقا للطبيعتين من الجهتين المفروضتين. فإن شئت قلت : إنّه هل يجوز تعلّق الأمر والنهي بالفرد الواحد من جهة تعلّقه بالجهتين الحاصلتين فيهما ـ أعني الطبيعتين المفروضتين ـ أولا؟ وإن شئت قلت : إنّه لو تعلّق الأمر بالطبيعتين اللتين بينهما عموم من وجه فهل يبقيان على إطلاقهما ليكون المكلّف آتيا بالمأمور به والمنهيّ