وأمّا السنّة الدالّة على ذلك فهي كثيرة جدّا كما يظهر من ملاحظة الأخبار الواردة في المواعظ وبيان علل الأحكام ، وغيرها ممّا لا يخفى على من له أدنى اطّلاع على الروايات.
ويدلّ عليه أيضا بالخصوص عدّة من النصوص.
منها : ما روي عن أبي الحسن عليهالسلام حين سئل عن الحجّة على الخلق اليوم ، فقال : العقل يعرف به الصادق على الله فيصدّقه والكاذب على الله فيكذّبه (١).
ومنها : ما روي عن الكاظم عليهالسلام من قوله : يا هشام إنّ لله على الناس حجّتين حجّة ظاهرة وحجّة باطنة ، فأما الظاهرة فالأنبياء والرسل والأئمّة عليهمالسلام ، وأمّا الباطنة فالعقول (٢). إلى غير ذلك من الروايات الواردة ممّا يقف عليه الناظر في مطاوي الأخبار المأثورة.
حجّة الأشاعرة على نفي الحسن والقبح العقليّين امور :
أحدها : قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(٣) فإنّه دلّت الآية الشريفة على نفي التعذيب قبل بعث الرسول فيدلّ على عدم استحقاقهم للعقوبة ، وإلّا لكان عدم إيرادها على المستحقّ لها منافيا للحكمة ، واللازم منه انتفاء الوجوب والتحريم العقليّين ، وإلّا لثبت استحقاق العقاب بترك الأوّل وفعل الثاني كما يدّعيه العدليّة.
ويمكن الجواب عنه بوجوه :
أحدها : أنّ أقصى ما يفيده الآية نفي التعذيب ، واستلزامه نفي الاستحقاق نظرا إلى ما ذكر مدفوع بالفرق بين استحقاق الثواب والعقاب ، فإنّ الأوّل ممّا لا يمكن فيه التخلّف بخلاف الثاني لجواز العقوبة ، ومن المعروف أنّ الكريم إذا وعد وفى وإذا توعّد عفى.
__________________
(١) الكافي : ج ١ ص ٢٥ ح ٢٠.
(٢) وسائل الشيعة : ج ١١ باب ٨ من أبواب جهاد النفس ص ١٦٢ ح ٦.
(٣) سورة الاسراء : ١٥.