وقال : ثمّ اعلم أنّ التمسّك بما صار إليه المرتضى في زمن الفترة إنّما يجري في زمن الغيبة في سقوط وجوب فعل وجودي ، وفي الفتوى بسقوطه عنّا ما دمنا جاهلين متفحّصين، ولا يجري في سقوط حرمته ، لأنّا تلقّينا القواعد الكلّية الواردة عنهم عليهمالسلام المشتملة على وجوب الاجتناب عن كلّ فعل وجودي لم يقطع بجوازه عند الله. هكذا ينبغي أن يحقّق هذا المبحث إلى آخر ما ذكر.
وأنت خبير : بأنّ ظاهر كلامه الآخر الحكم بجواز نفي التكاليف المتعلّقة بالأفعال الوجوديّة ما لم يقم عليه دليل ، وهو قول بحجّية أصالة البراءة حسب ما ذكرنا. وعمدة الغرض من نقل أقاويله المذكورة الإشارة إلى شدّة اضطرابه في المسألة ، وعدم استقامته على طريقة واحدة ، مع دعواه قيام الدليل القاطع في كلّ واقعة.
ثمّ إنّه قد حكى بعد ما نقلنا عنه أوّلا ما ذكره المحقّق رحمهالله في اصوله : من أنّ الأصل خلوّ الذمّة عن الشواغل الشرعيّة ، فإذا ادّعى مدّع حكما شرعيّا جاز لخصمه أن يتمسّك في انتفائه بالبراءة الأصليّة.
فنقول : لو كان ذلك الحكم ثابتا لكان عليه دلالة شرعيّة ، لكن ليس كذلك فيجب نفيه ولا يتمّ هذا الدليل إلّا ببيان مقدّمتين :
إحداهما أنّه لا دلالة عليه شرعا بأن يضبط طريق الاستدلالات الشرعيّة ويبيّن عدم دلالتها عليه.
والثانية : أن يبيّن أنّه لو كان هذا الحكم ثابتا لدلت عليه احدى تلك الدلائل ، لأنّه لو لم تكن عليه دلالة لزم التكليف بما لا طريق للمكلّف إلى العلم به ، وهو تكليف بما لا يطاق ، ولو كان عليه دلالة غير تلك الأدلّة لما كانت أدلّة الشرع منحصرة فيها ، لكن بيّنا انحصار الأحكام في تلك الطرق وعند هذا يتمّ كون ذلك دليلا على نفي الحكم ، والله أعلم.
ثمّ استحسن الكلام المذكور واستجوده وأثنى على المحقّق ومدحه ثمّ قال : وتحقيق كلامه أنّ المحدّث الماهر إذا تتبّع الأحاديث المرويّة عنهم عليهمالسلام في