فرض عدم قضاء الأمر بالكلّ بمطلوبيّة الجزء إلّا في ضمنه ، فلا يقين إذن بإرادة الأقلّ لو اتي به على انفراده كما في غير المشاركين في الجزء.
والحاصل : أنّ الأصل إنّما يقضي بنفي التكليف لا ثبوته ، وليس في الفرض المذكور دليل على ثبوت التكليف بالأقلّ حتّى ينفى ما عداه بالأصل ، لما عرفت من الإجمال. وبملاحظة ما قرّرنا يظهر ضعف ما يتخيّل في المقام : من أنّ كلّا من إثبات الأجزاء ونفيها إنّما حصل بدليل شرعي ، لقضاء الأمر بالمجمل بوجوب ما علم من الأجزاء ، واقتضاء الأصل نفي الباقي ، فيتعيّن القدر المتيقّن للاشتغال.
الثاني : أنّه لا شكّ في اشتغال ذمّة المكلّف بتلك العبادة المعيّنة ، وحصول البراءة بفعل الأقلّ غير معلوم ، لاحتمال الاشتغال بالأكثر ، فيستصحب الشغل إلى أن يتبيّن الفراغ.
فإن قلت : إنّ المعلوم إنّما هو اشتغال الذمّة في الجملة وكونه بما يزيد على الأقلّ غير معلوم ، فيؤخذ به وينفى الباقي بالأصل.
قلت : إنّما يتمّ ذلك إذا كان اشتغال الذمّة بالأقلّ معلوما وليس كذلك ، بل هو أيضا غير معلوم ، إذ المفروض ارتباط الأجزاء بعضها بالبعض ، فالقدر المعلوم هو اشتغال الذمّة بالأقلّ إمّا استقلالا أو حال كونه في ضمن الأكثر تبعا له ، وذلك لا يقضي بالقطع بالاشتغال به مع انفصاله عن الأجزاء المشكوكة لما عرفت من إجمال التكليف لا إطلاقه.
والحاصل : أنّ حصول الامتثال بالإتيان بالأقلّ غير معلوم مطلقا لا إجمالا ولا تفصيلا ولا بعضا ولا كلّا ، فكيف يمكن العلم بحصول البراءة من التكليف المفروض بأدائه.
وبذلك يظهر ضعف ما يقال : من أنّ استصحاب الشغل إنّما ينهض حجّة إلى أن يقوم دليل شرعي على خلافه ، إذ الحكم بالاستصحاب مغيّا بقيام الدليل ، فلو قام هناك دليل ولو من أضعف الأدلّة كان حاكما على الاستصحاب ، إذ على ذلك لا معارضة في الحقيقة بين الدليلين ، فحينئذ نقول : إنّ الاشتغال بالأقلّ معلوم بالنصّ