والإجماع ـ مثلا ـ وتعلّق التكليف بالزائد غير معلوم ، فينفى بأصل البراءة وأصالة العدم ، فيكون المكلّف به في ظاهر الشريعة بملاحظة الأدلّة المذكورة هو الأقلّ ، فيكون ذلك رافعا لحكم الاستصحاب. والوجه في تضعيفه ما عرفت من إجمال التكليف ، فلا علم بإرادة الأقلّ على الجهة الجامعة بين الوجهين إلّا حال انضمامه إلى الأكثر ، إذ لو كان التكليف متعلّقا بالأقلّ كان مرادا بالخصوص ، ولو كان متعلّقا بالأكثر كان مرادا في ضمنه ، فهو حينئذ مراد قطعا ، وأمّا إذا انفرد من الباقي فلا علم بإرادته أصلا حتّى ينفى الباقي بالأصل.
والعلم بالاشتغال بالقدر المشترك بين الانفراد والانضمام إلى الباقي غير نافع في المقام، إذ المعلوم في الفرض المذكور أمر مبهم اعتباري لا يقضي بوجوبه على الانفراد ولا الانضمام ، إذ المفروض انتفاء العلم بتعلّقه بالبعض أو الكلّ من حيث هو كلّ.
غاية الأمر : أن يدلّ على وجوبه حال الانضمام لثبوت أحد الوجوبين لمرّة (١) قطعا كما بيّنا ، فظهر أنّه لا يثبت هناك التكليف بالأقلّ حتّى ينفى الزائد بالأصل.
ومن البيّن : أنّ كلّا من أصالة البراءة والعدم إنّما ينفي التكليف خاصّة وليس من شأنه الإثبات ، فإجراء الأصل في المقام نظير إجرائه فيما إذا كانت (٢) الإتيان غير متشاركين في الجزء مع زيادة التركيب في أحدهما ، أو كانت القيود الوجوديّة في أحدهما أكثر من الآخر ، كما إذا علم تكليفه بشراء شيء ودار بين أن يكون حيوانا أو جمادا فقال : إنّ اعتبار الجسميّة في الواجب معلوم ، واعتبار ما يزيد عليه ـ من الحساسيّة والتحرّك بالإرادة ـ غير معلوم فينفى بالأصل ، ومن الواضح فساده.
الثالث : أنّه بعد الشكّ في الجزئيّة أو الشرطيّة في الصورة المفروضة يتوقّف العلم بأداء الواجب على الإتيان بالمشكوك فيه ، فهو مقدّمة للعلم بفعل الواجب.
وقد تقرّر في محلّه وجوب مقدّمة الواجب مطلقا ، سواء كان من مقدّمات
__________________
(١) كذا وجدت الكلمة ولم نحقّقها.
(٢) الظاهر كان الأمران.