العلم ، أو الوجود ، وقد جرى عليه الأصحاب في عدّة من المقامات ، كوجوب الصلاة في الثوبين المشتبهين ، ولزوم تكرار الوضوء في المشتبه بالمضاف ، والصلاة إلى الجوانب الأربع عند اشتباه القبلة ، ووجوب ترك الوطء عند اشتباه الزوجة بالأجنبيّة ، ولزوم التحرّز عن الحلال المشتبه بالحرام ، إلى غير ذلك من المقامات.
وبتقرير آخر : إذا توقّف العلم بأداء التكليف على الإتيان بما شكّ فيه حكم العقل بلزوم الإتيان به وقبح تركه ، دفعا للخوف من الضرر المترتّب على ترك الواجب ، فهو وإن لم يكن في الواقع جزء من أجزاء الصلاة أو شرطا من شروطه إلّا أنّ هذه الجهة والملاحظة المذكورة قد قضت بحسنه ووجوب الإتيان به.
ألا ترى : أنّ المولى إذا أمر عبده بشيء ، وأوعده على تركه ، وحذّره عن مخالفته ، ثمّ اشتبه المطلوب على العبد ، ودار بين شيئين ، ولم يكن له سبيل إلى التعيين ، ولا جهة مانعة عن الإتيان بالأمرين ، حكم العقلاء بوجوب الإتيان بهما ليحصل له القطع بأداء ما أراده المولى ، ولم يكتفوا به بمجرّد احتمال الامتثال الحاصل بفعل أحدهما ، حتّى أنّه إذا قصّر في ذلك كان مذموما عندهم ، وصحّ للمولى عقوبته مع مصادفته للواقع وعدمها ، إلّا أنّ الفرق بينهما أنّه مع انتفاء المصادفة يعاقب على ترك الواجب ، ومع حصولها على التجرّي على الترك الحاصل من الاكتفاء بأحدهما. ولا فرق في ذلك بين دوران الواجب في نفسه بين الأمرين أو تعيّنه عنده وحصول الترديد المفروض في الموضوع ، لجريان المقدّمة المذكورة في المقامين ، واتّحاد الجهة القاضية بوجوب الإتيان بالأمرين في الصورتين.
ومن غريب ما وقع في المقام ما صدر عن بعض الأعلام من ادّعاء الفرق والبناء على التفصيل حيث قال ـ بعد منع وجوب مقدّمة العلم مطلقا ـ فإنّا وإن قلنا بوجوب المقدّمة فقد نتوقّف في إيجاب هذا القسم ، وذلك لأنّ أقصى ما استنهضناه هناك للوجوب هو أنّا نعلم من حال من أمر بشيء الأمر بجميع ما يتوقّف عليه