الحكم في الأوّل بكون أحد الأمرين هو عين الواجب بحسب الواقع ، فغاية ما يقضي به الاحتمال المذكور هو الاكتفاء به في الظاهر ، وهو جار في المقامين. ولو تمسّك فيه باستصحاب الشغل جرى في الأوّل أيضا ، إذ مع الإتيان بأحد الأمرين لا يحصل اليقين بالفراغ.
رابعها : أنّ ما ذكره من الفرق بين الشاهد والغائب غير واضح ، إذ من الواضح أنّ الغرض من ذلك عدم ثبوت المصلحة سواء كانت عائدة إلى المكلّف أو المكلّف بل ربما كان الثاني أقبح ، إذ ملاحظة حال النفس في ذلك آكد.
حجّة القائل بإجراء الأصل في المجملات وجوه :
الأوّل : أنّ المناط في حجّية أصالة البراءة وجواز الرجوع إليه في نفي التكاليف الشرعيّة حاصل في ذلك من غير تفاوت ، فما قضى بحجّيتها في التكاليف المستقلّة قاض بها في المقام ، وذلك لأنّ المجوّز في العمل بالأصل المذكور في سائر المقامات هو انسداد باب العلم مع بقاء التكليف بالضرورة وقبح التكليف بما لا يطاق ، فإنّ المقدّمات المذكورة قد جوّزت لنا العمل بالظنّ في الأحكام الشرعية بعد التفحّص والتجسّس من الأدلّة ، وحصول الظنّ بسبب رجحان الدليل على المعارضات ، أو بسبب أصالة عدم معارض آخر.
ومن البيّن : أنّ ذلك كما يجري في نفس الأحكام الشرعيّة كذلك يجري في ماهيّة العبادات المجملة. وكما أنّه لا يجوز الأخذ بالظنّ في نفس الأحكام الشرعيّة قبل بذل الوسع في ملاحظة الأدلّة والتفحّص والتفتيش عن كيفيّات الدلالة وتحصيل ما هو أقوى الظنون الممكنة كذلك الحال في المقام. وكما أنّه يجوز الأخذ بالأصل هناك بعد الملاحظة المذكورة فكذا في المقام من غير تفاوت أصلا.
وما قد يقال : من أنّ العلم باشتغال الذمّة بالعبادة المجملة في المقام قاطع لأصالة البراءة وأصل العدم السابق ـ فيكون الأصل فيه بقاء الشغل حتّى يثبت الفراغ ـ فهو منقوض بالأحكام المستقلّة ، فإنّ اشتغال الذمّة بتحصيل حقيقة كلّ