والقول بأنّه مع تعلّق التكليف بالمجمل والشكّ في حصوله يستصحب الشغل حتّى يتبيّن الفراغ مدفوع ، بأنّه لا يقين بالاشتغال بما يزيد على الأجزاء والشرائط المعلومة.
وما يقال : من أنّ ذلك إنّما يتمّ مع عدم ارتباط بعض الأجزاء بالبعض وأمّا معه فلا يقين بالاشتغال بخصوص المعلوم ـ لاحتمال تعلّقه بالمجموع المركّب منها ومن غيرها ، وبعبارة اخرى العلم بحصول التكليف بها بشرط شيء لا يقضي بالعلم بالتكليف بها بشرط لا كما هو المفروض ـ مدفوع ، بأنّه إذا تعلّق التكليف بالمجموع المركّب فقد تعلّق بالأجزاء المذكورة ، ضرورة أنّ التكليف بالمركّب تكليف بأجزائه ، فإذا اندفع التكليف بالزائد من جهة الأصل تعيّن المعلوم لتعلّق التكليف به.
وما يتوهّم : من أنّ تعلّق التكليف بالخصوصيّة مخالف للأصل أيضا بيّن الاندفاع ، للعلم بتعلّق التكليف به في الجملة قطعا.
غاية الأمر حصول الشكّ في انضمام الغير إليه وعدمه ، فبعد نفي الغير بالأصل ينحصر الأمر في التكليف به ، وهو من لوازم النفي المذكور ومرجعه إلى أمر عدمي.
ومع الغضّ عنه فنقول : إنّ وجوب الإتيان بالأجزاء والشرائط المعلومة ممّا لا خلاف فيه بين الفريقين ، إنّما الكلام في وجوب الإتيان بالمشكوك فيه وعدمه ، والقائل بوجوب الاحتياط يقول به ونحن ننفيه بالأصل المذكور.
الثالث : قد بيّنا أنّ الأصل فراغ الذمّة والحكم ببرائتها حتّى يتبيّن الاشتغال ، فما لم يحصل العلم أو الظنّ المعتبر بحصول الشغل لم يحكم به ، وكذا بعد حصول العلم بالشغل لا يحكم بالبراءة ما لم يتبيّن الفراغ.
فنقول في المقام : إنّ القدر الثابت عندنا في التكاليف المتعلّقة بالمجملات هو تكليفنا بما ظهر أنّه صلاة أو صوم ـ مثلا ـ إمّا بالعلم أو الظنّ الاجتهادي ، ولم يثبت اشتغالنا بما هو صلاة في نفس الأمر والواقع.