الموضوع له بالظنّ المكتفى فيه بمطلق الظنّ ، بل الظاهر أنّه إثبات للمصداق ، والموضوع له هو المعنى الإجمالي الأعمّ حسب ما فصّل في محلّه فلا يكتفى في تعيين المصداق بمطلق الظنّ ، بل لابدّ فيه من العلم ، أو الأخذ بطريق ينتهي إلى العلم ، كما هو معلوم من ملاحظة سائر المقامات. وما قام الإجماع على حجّية الظنّ فيه إنّما هو موضوعات الألفاظ دون سائر الموضوعات كما قد يتوهّم.
وأمّا الحادي عشر : فبما قرّر في محلّه من فساد الدعوى المذكورة ، وكون ذلك الألفاظ موضوعة بإزاء الصحيحة كما بيّناه في محلّه.
وأمّا الثاني عشر : فبأنّ ما لم يبيّنه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا يحتمل جزئيّته أو شرطيّته وقد حضر وقت العمل به محكوم بعدمه قطعا ، إذ ليس نصب الأنبياء إلّا لبيان الأحكام وإرشاد الأنام ، لا لأن يأتونهم بالتكاليف المجملة ، ويكلون بيانها على مراعاة الاحتياط كما مرّت الإشارة إليه.
وبالجملة : أنّ بيان الأحكام من الواجبات عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا ترك البيان زيادة على المفروض دلّ على انحصار الأمر فيه ، إذ لا يترك ما هو واجب عليه سيّما في أمر التبليغ. وقد نصّ الاصوليّون على أنّه لو وقع تكليف بالمجمل ثمّ صدر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فعل يمكن أن يكون بيانا له ولم يفعل غيره وحضر وقت الحاجة تعيّن أن يكون ذلك بيانا له ، وإلّا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وهو بعينه جار في المقام ، فكما أنّ بيان الأجزاء المفروضة دليل على جزئيّتها كذلك عدم ذكره لما يزيد عليها دليل على عدم اعتباره ، وهذا بخلاف ما نحن فيه من قيام احتمال عدم الوصول ، ومقايسة أحدهما بالآخر ممّا لا وجه له ، إذ لا يجب على الله تعالى إيصال آحاد الأحكام إلى آحاد العباد ، كيف! ومن البيّن خلافه ، وحينئذ بعد تعلّق التكليف بالمجمل كيف! يمكن الحكم بحصول البراءة بالناقص استنادا إلى عدم وصول القدر الزائد ، لما عرفت من أنّ الإيصال ليس من الواجب على الله تعالى ولا على الرسول حتّى يدلّ انتفاؤه على انتفاء الزيادة.
وما ذكر : من أنّ النائين عن حضرته عليهالسلام لم يكونوا يحتاطون في شيء من