رفع الحرج عن الترك فيفيد الإذن في الفعل ، كالنهي الوارد عقيب الإيجاب ومنها الإلتماس ومنها : التهديد ، كقول المولى لعبده لا تطعني فيما آمرك به ومنها : الإنذار ، كقولك لمن يريد أن يصنع شيئا يترتّب عليه بعض المعايب : «لا تقع في هذه البليّة ولا تسع في هتك عرضك وسفك دمك» ومنها : التشفّي كما تقول لمن حذرته عن شيء وقد أبى عن تركه فتواردت عليه الأهوال «لا تتعرّض لهذه الأهوال» ومنها : السخريّة والاستهزاء ، كما تقول لمن يدّعيك بألف وأنت تنكره «لا تأخذه منّي إلّا بسكّة واحدة» ومنها : التسلية ، كقولك للمصاب «لا تحزن» ومنها : الامتنان ، كما تقول لمن أجرته في مقام إظهار النعمة «لا تخف في داري ولا تتعب ولا تستعن بأحد ولا تخسر درهما ولا دينارا» إلى غير ذلك من المعاني المناسبة له ، وملخّصها يرجع إلى الاستعمال في الطلب مطلقا أو في خصوص أحد قسميه أو في صورة الطلب لإفادة أحد الامور المذكورة ، من الإذن أو الإرشاد أو التهديد أو التحقير أو غيرها ، على حسب ما يفهم منها بملاحظة المقام حسب ما مرّت الإشارة إليه ، ولا خلاف في عدم كونها حقيقة في جميع تلك المعاني.
قال في الغنية بعد ذكر عدّة من المعاني المذكورة : ليست حقيقة في الجميع إجماعا ، وإنّما وقع الخلاف في عدّة منها ، نظير ما ذكرناه في الأمر.
وقد أطلق جماعة منهم المصنّف أنّ الحال هنا في الخلاف كالحال في اختلافهم في الأمر وهو كذلك إلّا أنّه لم ينقل جميع الأقوال المنقولة هناك في المقام ، بل ذكر بعض الأفاضل أنّه لم يقل بوضع النهي للتهديد أحد. وكيف كان فالأقوال المنقولة هنا أيضا عديدة.
أحدها : أنّه حقيقة في التحريم مجاز في غيره ، وهو المعروف وعزي إلى الأكثر وقد اختاره الشيخ والمحقّق والعلّامة في التهذيب والمبادئ والسيّد العميدي وشيخنا البهائي وتلميذه الجواد والمصنّف وغيرهم.
ثانيها : أنّها حقيقة في الكراهة وعزاه في غاية المأمول وغيره إلى بعض.
ثالثها : أنّها مشتركة لفظا بين التحريم وغيره وعزي القول به إلى ظاهر