اجتهاده في جواز التجزّي. وحينئذ فالتوقّف ظاهر لا إشكال فيه ، لوضوح أنّ حكمه بجواز عمله في كلّ مسألة اجتهد فيها بالظنّ المتعلّق فيها مبنيّ على ثبوت كلّية الكبرى الواقعة في استدلاله على جواز عمله بظنّه في تلك المسألة ، كما أنّ المجتهد المطلق يتوقّف حكمه بجواز عمله بظنّه في خصوص المسائل ، على أنّ كلّ ما يظنّه المجتهد المطلق مطلقا ، أو عن الأدلّة الخاصّة حجّة في شأنه لينتظم له قياس بهذه الصورة : هذا الظنّ ممّا حصل للمجتهد المطلق ، وكلّ ظنّ حصل للمجتهد المطلق فهو حجّة في حقه ، لينتج أنّ ظنّه المتعلّق بكلّ من المسائل الخاصّة حجّة في حقّه ، فإنّ نظير ذلك جار في حقّ المتجزّئ ، وبيانه لكلّية الكبرى هو إثباته للمتجزّئ فإنكار التوقّف ممّا لا وجه له. ودعوى اتّحاد الأمرين غير معقول أيضا. وتوقّف حكمه بصحّة اجتهاده في جواز التجزّي على حكمه بحجّية ظنّ المتجزّئ مطلقا ظاهر أيضا ، إذ ذلك أيضا مسألة ظنّية على نحو سائر المسائل الفقهيّة ، فيتوقّف علمه بحجّية ظنّه فيها على علمه بتلك الكلّية الواقعة في كبرى القياس الدالّ على حجّية ظنّه به.
وقد يورد عليه : بأنّ الحكم بقبول الاجتهاد للتجزّي من المسائل الاصوليّة فيتوقّف جواز الاجتهاد في الفروع على جواز الاجتهاد في تلك المسألة الاصوليّة ، ولا يتوقّف جواز الاجتهاد في تلك المسألة على جواز التجزّي في الاجتهاد مطلقا ، بل على جواز التجزّي في المسائل الاصوليّة ، وهو خارج عن محلّ الكلام ، بل لا خلاف في جوازه على ما قيل فلا دور ، وأيضا لا ملازمة بين التجزّي في مسائل الفروع والتجزّي في الاصول ، فقد لا يكون متجزّئا في الاصول بأن يكون قادرا على استنباط جميع مسائل (١) له عن أدلّتها ، فلا يتوقّف العلم بالتجزّي في الاجتهاد على العلم بالتجزّي أصلا ، كيف! ولو تمّ ما ذكر لجرى ذلك بعينه في شأن المطلق ، إذ جواز اجتهاده في مسائل الفقهية يتوقّف على جواز اجتهاده في جواز الاجتهاد ، وجواز اجتهاده في هذه المسألة يتوقّف على جواز
__________________
(١) سقط من هنا شيء.