ما في الرواية الدلالة على اعتبار ظنّ المجتهد المطلق ، وأمّا ظنّ المتجزّئ فلا دلالة فيها على اعتباره ولا عدمه.
ـ خامسها ـ
أنّ القول بجواز رجوع المتجزّئ إلى ظنّه يستلزم الدور. وقد يقرّر ذلك بوجوه :
منها : ما قرّره الفاضل الجواد «من أنّ صحّة اجتهاد المتجزّئ في مسائل الفروع متوقّفة على صحّة اجتهاده في مسألة التجزّي ، وصحّة اجتهاده في مسألة التجزّي موقوفة على صحّة اجتهاد المتجزّئ مطلقا ، لكونها من جزئيّات تلك المسألة ، حيث إنّها مسألة اجتهاديّة ، فالموقوف عليه في الثاني وإن لم يكن خصوص المتوقّف في الأوّل ، لكنّه أعمّ منه بحيث يندرج ذلك فيه اندراج الخاصّ تحت العامّ الاصولي وهو كاف في لزوم الدور. وأورد عليه : بمنع كون صحّة اجتهاده في مسائل الفروع متوقّفة على صحّة اجتهاده في مسألة التجزّي وإنّما يتوقّف على صحّتها نفسها ، ومع الغضّ عنه فالتوقّف فرع التغاير ، وظاهر أنّ صحّة اجتهاده في المسائل الفرعيّة هي عين صحّة اجتهاده في تجزّي الاجتهاد.
قلت : إن اريد بتوقّف صحّة اجتهاده في مسائل الفروع على صحّة اجتهاده في جواز التجزّي أنّ مطابقة اجتهاده في الواقع يتوقّف على ذلك فهو واضح الفساد ، إذ لا يعقل توقّف بينهما. وإن اريد أنّ جواز عمله بما اجتهد فيه من المسائل يتوقّف على جواز عمله بما اجتهد فيه من جواز التجزّي ففيه أيضا ذلك ، وإنّما يتوقّف على جواز التجزّي في نفسه كما أنّ جواز عمله بما اجتهده من جواز التجزّي يتوقّف على ذلك أيضا.
فغاية الأمر أن لا يكون عالما بالجواز ، فلا يعقل الدور على شيء من التقريرين المذكورين. ويمكن أن يقال : إنّ المراد بذلك أنّ حكم المتجزّئ بجواز اجتهاده في المسائل الفقهيّة وجواز عمله به في حكمه يتوقّف على حكمه بصحّة