الواقع ـ حسب ما ذكره ـ ولو سلّم عدم انطباق العبارة عليه فلا يقضي ذلك بدفع الإيراد المذكور ، بل غاية الأمر حينئذ منع ما ادّعاه من تعلّق الأمر والنهي بشيء واحد عند التحقيق ـ أعني خصوص الكون المفروض ـ وإنّما يتعلّق الأمر بالكون المطلق والنهي بالخصوصيّة حسب ما قرّرناه.
ثمّ إنّه قد يقال : مع الغضّ عمّا ذكر وتسليم تعلّق الأمر والنهي بالكون الخاصّ في الجملة إلّا أنّه لا شكّ في اختلاف جهتي الأمر والنهي ، فإنّ ذلك الفرد إنّما يكون مأمورا به من حيث كونه جزءا من الصلاة ومنهيا عنه من حيث كونه غصبا ، فهناك طبائع ثلاثة مشتركة «كون وصلاة وغصب» حاصلة بالكون المفروض ، وحينئذ فإمّا أن يقال : بكون الفرد المذكور ملتئما من الماهيّات الثلاث المفروضة حتّى تكون تلك الماهيّات متّحدة بحسب الخارج في الشخص المفروض ، أو يقال : بأنّ هناك أفراد ثلاثة للطبائع الثلاث المفروضة متميّزة بحسب الخارج.
غاية الأمر أن يكون بعضها عارضا للبعض بأن يقال ـ مثلا ـ بعروض الصلاة والغصب للكون الخاصّ المفروض ، فذلك الكون من حيث كونه فردا من الكون معروض للأمرين المذكورين ، وهما شيئان متعدّدان بحسب الخارج عارضان له ، لا سبيل إلى الوجه الأوّل لما تقرّر عندهم من استحالة التئام الطبيعة من جزئين يكون بينهما عموم من وجه ـ كما أشرنا إليه ـ فتعيّن الثاني. وحينئذ فيكون معروض الوجوب والحرمة بالذات هو العارضان المذكوران ويتّصف معروضها بالأمرين على سبيل التبعيّة ولا مانع منه ، لعدم كون الاتّصاف حينئذ حقيقيّا. لكنّك بعد التأمّل فيما قرّرنا تعرف ضعف الإيراد المذكور ـ حسب ما مرّ تفصيل القول فيه وسيجيء أيضا مزيد توضيح له إن شاء الله ـ على أنّه قد يقال بكون الجهتين في المقام تعليليتين لا تقييديتين. وتوضيح ذلك في المثال المفروض أنّه لا شكّ في أنّ الحاصل من المكلّف في الخارج كون شخصي خاصّ حاصل في المكان المغصوب وليس الحاصل هناك كونان في الخارج كما يشهد ضرورة الوجدان ، وذلك الكون المفروض متّحد مع الصلاة والغصب معا ، فهو بملاحظة وجوب