الباقر عليهالسلام : من أفتى برأيه فقد دان الله بما لا يعلم (١). وقول الصادق عليهالسلام فيما رواه محمّد بن مسلم وقد قال له : إنّ قوما من أصحابنا قد تفقّهوا وأصابوا علما ، ورووا أحاديث فيرد عليهم ، ويقولون برأيهم فقال : لا وهل هلك من مضى إلّا بهذا وأشباهه (٢). وقولهعليهالسلام فيما رواه ابن مسكان عن حبيب قال : قال لنا أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ الناس سلكوا سبلا شتّى ، فمنهم من أخذ بهواه ، ومنهم من أخذ برأيه ، وإنّكم أخذتم بما له أصل(٣) ، يعني بالكتاب والسنّة ، وقوله عليهالسلام : إيّاكم وأصحاب الرأي فإنّهم أعيتهم السنن أن يحفظوها فقالوا في الحلال والحرام برأيهم ، فأحلّوا ما حرّم الله (٤). وقوله عليهالسلام في أصحاب الرأي : استغنوا بحملهم (٥) وتدابيرهم من علم الله واكتفوا بذلك دون رسوله ، والقوام بأمره ، وقالوا لا شيء إلّا أدركته عقولنا وعرفته ألبابنا وأمّا هم ماتوا (٦) وأهملهم وخذلهم حتّى صاروا عبدة أنفسهم من حيث لا يشعرون (٧). وقوله عليهالسلام : إيّاك أن تفتي الناس برأيك ، أو تدين بما لا تعلم (٨) إلى غير ذلك من الأخبار.
فالمستفاد من هذه الروايات وما يفيد مفادها عدم جواز الاجتهاد في الأحكام الشرعيّة ، والمنع من العمل بالاستنباطات الظنّية.
قال في الفوائد الطوسيّة : إنّ الأخبار في هذا المعنى قد تجاوزت حدّ التواتر ، وقد جمعنا منها في مواضع اخر أكثر من ألف حديث.
وفيه أمّا أوّلا : فبأنّ المراد بالآيات والروايات الدالّة على وجوب الرجوع إلى العلم وعدم جواز الأخذ بالظنّ ، هو عدم الاكتفاء في الحكم والإفتاء بالظنّ من
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٨ باب ٦ من أبواب صفات القاضي ص ٢٥ ح ١٢.
(٢) البحار : ج ٢ ص ٣٠٥ ح ٥١.
(٣) وسائل الشيعة : ج ١٨ باب ٦ من أبواب صفات القاضي ص ٣١ ح ٣١.
(٤) البحار : ج ٢ ص ٣٠٨ ح ٦٩.
(٥) كذا ، والظاهر : بحيلهم ـ في الوسائل بجهلهم.
(٦) بياض في الأصل.
(٧) وسائل الشيعة : ج ١٨ باب ٦ من أبواب صفات القاضي ص ٣٢ ضمن ح ٣٢.
(٨) وسائل الشيعة : ج ١٨ باب ٤ من أبواب صفات القاضي ص ١٠ ح ٣.