ولو ظاهر عموم أو إطلاق على خلافه ، فلذا لا يقاوم الاستصحاب شيئا من الظواهر والإطلاقات.
وحينئذ فنقول : إنّ قضيّة العمومات والإطلاقات الدالّة على عدم جواز الأخذ بالظنّ هو عدم جواز الرجوع إليه والعمل به في شيء من الأحوال والأزمان ، خرج عن ذلك ظنّ المجتهد المطلق بالنسبة إلى الإفتاء الحاصل عقيب الاجتهاد.
وأمّا العمل به بعد الحكم الأوّل فممّا لا إجماع عليه ، وقضيّة تلك الإطلاقات هو المنع من الأخذ به والحكم ثانيا بمقتضاه فلا يصحّ الخروج عن مقتضاه بما ذكر من الاستصحاب.
ويمكن دفعه : بأنّ قضيّة تلك الإطلاقات عدم حجّية الظنّ من حيث هو مع عدم قيام دليل شرعي قاطع على جواز الرجوع إليه ، لوضوح أنّه مع قيام الدليل عليه يكون الاتّكال على العلم دون الظنّ ، كما مرّت الإشارة إليه. فإذا قضى الاستصحاب بجواز الرجوع إليه كفى في المقام ، إذ لا معارضة إذن بينه وبين تلك الإطلاقات حيث إنّها لم تدلّ إلّا على عدم جواز الرجوع إلى كلّ ظنّ لم يقم دليل على حجّيته ، فبعد قضاء الدليل بحجّية الاستصحاب وقضاء الاستصحاب بحجّية الظنّ المذكور لا يكون الاتّكال في المقام على الظنّ ، بل على الدليل القاطع الّذي ينتهي إليه الظنّ المذكور. فهذا غاية ما يوجّه به التمسّك بالاستصحاب في المقام ، وفيه تأمّل.
وعلى الثاني : أنّ جواز الحكم والإفتاء بمجرّد الظنّ على خلاف الأصل خرج عنه ما إذا وقع ذلك عقيب الاجتهاد لقيام الإجماع عليه ، فيبقى غيره تحت قاعدة المنع ، إذ لا دليل على جواز الحكم حينئذ عند تجدّد الواقعة من غير تجدّد النظر.
وعلى الثالث : أنّه إن سلّم فإنّما ينفي وجوب تجديد النظر مطلقا دون القول بالتفصيل. ومثله يرد على الرابع أيضا ، لعدم وضوح قيام السيرة مع نسيان دليل المسألة أو زيادة القوّة زيادة ظاهرة يحتمل بسببها عثوره على دليل آخر أو استدراك وجه آخر للاستنباط.