مطلوبا أصلا ولو على الوجه الّذي قرّرنا قلنا نختار الوجه الثالث. قولك : فيلزم المحذور قلنا ممنوع ، وإنّما يلزم لو قلنا بكون الترك بالمرّة مطلوبا وأمّا لو كان الترك في الجملة مطلوبا على الوجه الّذي ذكرنا فلا محذور أصلا ـ حسب ما قرّرناه ـ.
فصار المحصّل أنّ الفعل المذكور راجح على تركه ، لكنّه لمّا كان مشتملا على النقيصة بالنسبة إلى الرجحان الحاصل لأصل تلك العبادة نهى الشارع عنه إبداء لتلك المنقصة وتحريضا على الإتيان بالفرد الآخر الخالي عنها من غير مناقضة بين الراجحيّة والمرجوحيّة المفروضتين أصلا نظرا إلى اختلاف النسبة ، فإنّ رجحانه بالنسبة إلى الترك بالمرّة ومرجوحيّته نظرا إلى اشتماله على النقيصة المفروضة بالنسبة إلى ما قرّر لأصل تلك العبادة فطلب تركه لتخلية العمل عن تلك الوصمة. وما يقال في المقام : من أنّ هذا الجواب لا ينفعهم ولا يدفع الإيراد المذكور على مذاقهم إذ مدار كلامهم على تعلّق الأحكام بالأفراد بخصوصها وإن كان تخييرا وما ذكر إنّما يناسب مختارنا من تعلّق الحكم بالطبيعة مدفوع أيضا ، إذ لا تدافع بين الراجحيّة والمرجوحيّة على الوجه المفروض أصلا وإن قلنا بتعلّق الأوامر بخصوص الأفراد بل لا مانع من تعلّق الأمر التخييري بخصوص الفعل على الوجه المذكور ثمّ يتعلّق به النهي التنزيهي بالمعنى الّذي بيّناه كما لا يخفى.
وحينئذ فيكون الملحوظ في الثواب المعدّ لأصل العبادة هو المعدّ لخصوص أفرادها الغير المشتملة على المزيّة أو النقيصة ، أو نقول : إنّ لتلك الأفراد من حيث انطباق الطبيعة عليها ثوابا ورجحانا قد ينقص عنه من جهة الاشتمال على الخصوصيّة المرجوحة أو يزيد عليه من جهة الاشتمال على الخصوصيّة الراجحة فالمقيس عليه هو الرجحان الثابت لها في تلك الملاحظة ، وأيّ ارتباط لذلك بتعلّق الأوامر بالطبائع المطلقة كما توهّمه ، مضافا إلى أنّ القائل بامتناع الاجتماع لا يلتزم بتعلّق الأوامر بخصوص الأفراد ، بل أقصى الأمر أن يقول بتسرية الحكم من الطبيعة إلى الفرد من حيث انطباق الطبيعة عليه وهو غير القول بتعلّقها بخصوص