الفرد ـ كما عرفت تفصيل القول فيه ـ فكلامه المذكور ساقط من أصله وكذا ما يقال أيضا : من أنّه مع البناء على هذا الجواب عليهم أن يلتزموا أنّ الصلاة في البيت الّتي هي أحد الأفراد المطلوبة مباحة وهو أيضا فاسد ، إذ كما لا يكون العبادة مرجوحة لا يكون مباحة أيضا.
والقول بأنّ المباح إيقاعها في البيت لا نفسها جار فيما نحن فيه ، فلم لا يقولون إنّ المكروه هو فعلها في الحمّام لا نفسها وإنّ الحرام هو فعلها في الدار لا الغصبية نفسها ، فذلك بعينه رجوع إلى ما ذكرنا وذهبنا إليه. فإذا بطل الجواب على مذهبهم بقى الإيراد بحاله فلا تغفل واغتنم هذا الخيال واضبطه فإنّه ظاهر الاندفاع بعد التأمّل فيما قرّرناه ، فإنّ المباح بالمعنى الّذي ذكرناه لا ينافي رجحان الفعل ووجوبه وإنّما المباح بمعناه المعروف هو الّذي ينافيه ، والمقصود بإباحة إيقاعها في البيت أنّ خصوصيّة الإيجاد في البيت لا رجحان فيه ولا مرجوحيّة وإن كان نفس طبيعة العبادة راجحة ، ولذا كان الفرد المطابق لها راجحا من حيث إنّه فرد من تلك الطبيعة ، كما أنّ خصوصيّة الإيجاد في الحمّام مرجوحة باعثة لنقص العبادة عمّا هي عليه من الرجحان ، وخصوصيّة الإيجاد في المسجد راجحة باعثة على زيادة الفضيلة، وليس المراد به أنّ خصوصيّة الإيقاع في البيت مباحة بالمعنى المصطلح ، كيف وهو متّحد مع الإيقاع المطلق ، وإذا وجب المطلق وجبت أفراده حسب ما عرفت فلا يتعقّل القول بإباحته الواقعيّة.
غاية الأمر أن يقال : إنّ تلك الجهة ليست جهة وجوب بل جهة إباحة من حيث إنّه إنّما يجب الفرد من حيث كونه إيقاعا للصلاة لا من جهة خصوصيّة كونه في البيت لكن لا يجري ذلك بالنسبة إلى ما ذكر من المكروه ، إذ ليست تلك الخصوصيّة مكروهة في نفسها بل هي جهة تعليليّة في كراهة العبادة المتّحدة بها ، إذ ليس نفس الكون مكروهة بل الصلاة الملابسة له مكروهة من جهته.
نعم ، يمكن القول به فيما ذكرناه من المثال المطابق لما نحن فيه كالكون في مكان يكره نفس الكون فيه ـ حسب ما مثّلنا ـ إلّا أنّه بعد اتّحاده مع الواجب