الاطلاق ، وليس هناك أصل أصلا ، إذ لو اريد من أصالة عدم التخصيص والتقييد وعدم قرينة المجاز وغيرها الأصل التعبّدي الشرعي فهو واضح الضعف ، لأنّ هذه الظواهر معتبرة عند من لا يتديّن بدين وشرع ، وإن اريد الأصل العقلائي بمعنى أنّ العقلاء يبنون الأمر على عدم التخصيص والتقييد والمجاز إلى غير ذلك ثم يعملون على طبق الظواهر فهو أيضا فاسد ، لأنّا لم نجد في بناء العقلاء التعبّد بشيء في بنائهم وإنّما يعملون على طبق ظنونهم مطلقا فيما انسد فيه طريق العلم في جميع امورهم من التجارات والزراعات وغيرها ولا يعتنون باحتمال عدم حصول مقاصدهم بطروّ الطوارئ الاتفاقية ، وأيّ فائدة في البناء على عدم طروّ الطوارئ ، فإنّ الامور الواقعة واقعة على ما هو مقدر مكتوب في اللوح المحفوظ ، والظن المعتمد عليه لا يتفاوت سواء بني على عدم وقوع الطرف المرجوح أم لم يبن ، ودعوى أنّ الظن والظهور فيما نحن فيه مستند إلى الاصول العدمية المذكورة أيضا بيّنة الفساد يشهد بذلك ما اشتهر في ألسنتهم من أنّ المخصّصات والمقيّدات وقرائن المجازات قرائن صارفة عمّا يقتضيه اللفظ الموضوع في نفسه ، فاللفظ ظاهر في المعنى ، والقرينة لو كانت موجودة تصرفه عن ظهوره إلى غيره.
قوله : لكن الذي يظهر بالتأمّل عدم استقامته في نفسه ـ إلى قوله ـ فتأمّل (١).
هذه العبارة صارت محلا للأنظار ، ونحن نذكر أوّلا ما هو الأظهر عندنا في ترجمتها ثمّ نتعرّض لما ذكره غيرنا فنقول : المراد من قوله عدم استقامته في نفسه أنّ التوجيه المذكور لكلام المحقّق أعني حمل المقتضي على العموم أو الاطلاق والعارض على احتمال التخصيص أو التقييد غير مستقيم في نفسه لأنّه بعيد عن
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٨٦.