حمل المقتضي في كلام المحقّق على العموم أو الاطلاق غير مستقيم ، باعتبار أنّ العموم وكذا الاطلاق بنفسه غير مقتض للحكم ، بل هو مع أصالة عدم التخصيص أو التقييد ، فإنّ الأصل المذكور دخيل في إيجاب العموم للظن بالحكم ، فالعموم جزء المقتضي لا تمامه.
وفيه : مع أنّه خلاف ظاهر العبارة باعتبار ذيلها ، ما مر في الحاشية السابقة من أنّ الظن والظهور غير مبتن على إجراء أصل عدم المخصص والمقيّد بل لا أصل لهذا الأصل أصلا ، فتذكّر.
وقيل في معنى قوله «عدم استقامته في نفسه» وجه آخر ، وهذا القائل حمل التوجيه المذكور على أنّ المراد أنّ المقتضي بالمعنى المعروف يرجع إلى العام أو المطلق ، فقال إنّ المراد من عدم استقامته في نفسه أنّ هذا التوجيه غلط كيف وظهور العام وشموله للفرد المشكوك فيه في نفسه معلوم ، ولكن اقتضاء المقتضي للمشكوك مشكوك فكيف يرجع المقتضي إلى العام ، وأيضا مورد التمسك بعموم العام واطلاق المطلق منحصر فيما إذا كان عدم ورود المخصص والمقيد محرزا في الظاهر لكن احتملنا التخصيص أو التقييد بحسب واقع المراد ، لا فيما لو احتملنا ورود المخصّص أو المقيّد ولم نظفر به فإنّ المورد مورد التمسك بأصالة عدم ورودهما لا التمسّك بالعموم أو الاطلاق ، وما نحن فيه من قبيل الثاني فلا يصحّ التمسّك بالعموم.
ولا يخفى ما في هذا الكلام ، أمّا أولا : فلأنّ الكلام الموجّه كالصريح في أنّ المراد من المقتضي هو الدليل العام أو المطلق لا إرجاع المقتضي المصطلح إلى العام أو المطلق.
وأمّا ثانيا : فلأنّ مورد التمسّك بالعموم أو الاطلاق لا ينحصر فيما ذكره بل في كل ما لا يعلم بالتخصيص والتقييد ، سواء علمنا بعدم صدورهما واحتملناهما