واقعا أو احتملنا صدورهما وعدم الوصول إلينا ، بل عرفت آنفا أنّه لا معنى لأصالة عدم التخصيص والتقييد إلّا الأخذ بظهور العموم أو الاطلاق.
قوله : ومنها أنّ الثابت في الزمان الأول ممكن الثبوت في الآن الثاني (١).
قد علّل المصنّف قدسسره هذه المقدّمة بأنّه لو لم يكن ممكن الثبوت في الآن الثاني لم يحتمل البقاء وهو خلاف الفرض في مورد الاستصحاب ، مع أنّ أوائل الاصوليين الذين اعتمدوا على هذا الدليل وأضرابه علّلوها بأنه لولاه لزم خروج الممكن عن الامكان الذاتي إلى الامتناع ، ولعلّ وجه العدول عنه ما أورد عليه في الفصول (٢) وملخّصه : أنه إن اريد أنّ ما أمكن وجوده في وقت فلا بدّ من أن يكون ممكن الوجود في سائر الأوقات فهو ممنوع ، ألا ترى أنّ أجزاء الزمان وكذا الزمانيات إذ اخذت من حيث تقييدها بالأزمنة الخاصّة يمتنع وجودها لا حقا كما يمتنع وجودها سابقا لامتناع تقدّم الشيء على نفسه. وبعبارة اخرى لا مانع من صيرورة الممكن الذاتي ممتنعا بالغير ، وإن اريد أنّ الممكن الذاتي لا ينقلب إلى الامتناع الذاتي فهو حق إلّا أنه لا ينتج المدّعى من إمكان الوجود في الزمان الثاني ، إذ يحتمل أن يكون ممتنعا فيه بالعرض ، قال فالوجه أن يتمسّك بلزوم خلاف الفرض على تقدير بطلان هذه المقدّمة ، إذ الكلام في استصحاب ما يمكن بقاؤه في الزمان الثاني ، إلى آخر ما ذكره.
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٨٦.
(٢) الفصول الغروية : ٣٧٠.