في الأغلب ، فلو قال مثلا جعلت العمل الفلاني سببا لطول العمر فليس يلزم أن يكون ذاك العمل مطلوبا مأمورا به ، بل يمكن أن يكون بلا حكم بالمرّة ، كما لا يلزم أن يكون التكليف مستعقبا للوضع كأغلب المحرّمات فإنّها لا ينتزع منها وضع أصلا.
ثم اعلم أنه احتمل أو قيل إنّه لا ثمرة لهذا النزاع فيلغو متعبة تحقيق المسألة على القولين ، وربما يستشعر هذا من الماتن حيث إنّ ممشاه في الفقه ممشى غيره ممّن يقول بالأحكام الوضعية ويعبّر بالشرطية والجزئية والمانعية والسببية والصحة والفساد والطهارة والنجاسة إلى غير ذلك ويسوق كلامه على هذا المجرى كما يعبّر غيره ويسوق كلامه ، وإن كان هناك فرق عنده وثمرة فكان عليه تغيير العنوان أو التنبيه على جهات الاختلاف ووجوه الثمر.
لكن التحقيق أنه يترتّب عليه ثمرات كثيرة منها : أنه لو قلنا بمجعولية الأحكام الوضعية أمكن ثبوتها في موارد العلم بعدم التكليف الذي يتبعها بل في مورد لا يحتمل تكليف أصلا لعدم قابلية المحل أو لعدم اجتماع شرائط التكليف كما في الصبي والمجنون والعاجز والمضطر والجاهل في الجملة ، فإن قلنا بقول المثبت نحكم بضمان هؤلاء الأشخاص في إتلافاتهم مثلا بل نقول بضمانهم باليد أيضا ، ويترتّب عليه آثار اشتغال ذممهم بالبدل ، وأمّا على قول النافي فلا بدّ من أن يترقّب زمان التكليف ، فإن اجتمع شرائطه تعلق وإلّا لم يكن حكم أصلا ، وما يتكلّف في دفع هذه الثمرة من أنّ معنى ضمان الصبي والمجنون مثلا على قول النافي وجوب دفع البدل بعد البلوغ والافاقة أو وجوب دفع الولي من مال الصبي أو المجنون بدل التالف ، وليس هناك أثر يترتّب على قول المثبت عند عدم حدوث التكليف المزبور ولا يترتّب على قول النافي ، مدفوع بأنّا نفرض عدم تحقّق زمان تعلق التكليف بأن مات الصبي أو المجنون قبل البلوغ أو الافاقة ولم