والمعقولية في كون كل منهما أمرين اعتباريين يمكن انشاؤهما من المولى المطاع ، وبانشائه تتحصّل حقيقته الاعتبارية عند العقل والعقلاء وتترتب عليه الآثار ، ومجرد إمكان إرجاع سببية المجيء لوجوب الاكرام إلى جعل وجوب الاكرام عند المجيء لا يوجب إنكار جعل السببية ، مع أنّ القضية الشرطية المذكورة ظاهرة في جعل السببية وإلّا فيمكن إرجاع القضايا الشرطية المسوقة لبيان السببية النفس الأمرية للزوم الجزاء أيضا إلى بيان التكليف مثل قولك إن أهانك زيد فاضربه ، فلا شك أنّ هذه القضية اريد منها علية إهانة زيد للمخاطب لوجوب ضربه مع أنه يمكن إرجاعها إلى إنشاء وجوب الضرب عند الاهانة.
قوله : ولهذا اشتهر في ألسنة الفقهاء سببية الدلوك الخ (١).
لا شاهد فيما استشهد به من إطلاق الفقهاء السببية للدلوك والمانعية للحيض ، أمّا أوّلا : فلأنّ إطلاقهم مبني على الفرض والتقدير والمسامحة غالبا حيث لم يكونوا بصدد تحقيق هذا المطلب. وأمّا ثانيا : فلما ذكرنا سابقا من أنّ الأوامر والنواهي التي تحمل على بيان الشرطية والمانعية أوامر غيرية ونواهي غيرية ، فإن احرز ذلك فالحكم الوضعي نفس مؤدّاها وإلّا فلا تدلّ على الشرطية والمانعية ولا يقولون بالشرطية والمانعية في موردها ، فقولهم بأنّ الحيض مانع عن الصلاة والدلوك سبب لها لأجل ظهور قوله (عليهالسلام) «دعي الصلاة أيّام أقرائك» (٢) في النهي الغيري ، وظهور قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(٣) في سببية الدلوك (٤).
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ١٢٨.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٨٧ / أبواب الحيض ب ٧ ح ٢.
(٣) الاسراء ١٧ : ٧٨.
(٤) أقول : دعوى الظهور المذكور في الآية محلّ تأمّل بل منع.