قوله : كالمسببية والمشروطية والممنوعية (١).
لا شاهد في هذا أيضا لمدّعاه ، لأنّ المسببية والمشروطية والممنوعية لا تحتاج إلى جعل مغاير لجعل السببية والشرطية والمانعية ، بل جعل السببية عين جعل المسببية وجعل الشرطية والمانعية عين جعل المشروطية والممنوعية ، لأنّ جاعل السببية مثلا إنّما يجعل الملازمة بين وجود شيء ووجود شيء آخر ، فتحصل هنا إضافات كثيرة ويصح به إطلاق المسبّب بالكسر على الفاعل الجاعل باعتبار الاسناد الصدوري والسبب على الملزوم باعتبار النسبة القيامي والمسبب على اللازم باعتبار نسبته من حيث التأثّر ، وهكذا باعتبار نسبته إلى الزمان والمكان مع أنّ حقيقة الأمر المجعول شيء واحد ولا ينافي ذلك حصول جميع هذه الاضافات ، ونظير ذلك يأتي في الحكم التكليفي فإذا أمر المولى عبده بشيء فإنّ مجعوله أمر واحد هو التحتّم واللزوم ويصح بذلك أن يقال إنّ المولى مكلّف بالكسر والعبد مكلّف بالفتح والفعل واجب والزمان مكلّف فيه ، فإنّ هذه الاضافات متحقّقة جزما لكنّها ليست مجعولات متعدّدة مختلفة بل تكون حقيقتها المجعولة أمرا واحدا يصحّح تلك النسب بأجمعها وهذا واضح.
قوله : بل هو إخبار عن تحقق الوجوب عند الدلوك (٢).
إن أراد به أنّه إخبار عن السببية الجعلية ، فمع أنه يرجع إلى الاعتراف بالحكم الوضعي ، لا وجه لجعله إخبارا لم لا يكون إنشاء له ، وإن أراد أنه إخبار عن السببية الواقعية فهو كذب لأنه خلاف المفروض ، وإن أراد أنه إخبار عن الوجوب فمع أنه خلاف ظاهر القضية لا داعي إلى حمله على الاخبار فليكن
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ١٢٨.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ١٢٨ ـ ١٢٩.