قوله اجلس إلى الغروب كاف في رفع الشك ، مدفوع بما عرفت من أنّ النسخ رافع للحكم الثابت بدليله فلا ينافي النسخ دليل أصل الحكم ، نعم لو شك في خروج بعض أجزاء الوقت من الدليل وإرادة وجوب جلوس بعض المدة المفروضة من الدليل يدفعه ظاهر الدليل فليتأمّل فإنه دقيق.
قوله : وإلّا لم يجر استصحاب الحكم التكليفي لأنه كان متحققا بقيد ذلك الوقت (١).
ويرد عليه أنه قد لا يكون الوقت في الموقت قيدا للواجب بل يكون ظرفا له ، وحينئذ يجوز استصحاب حكمه من غير احتياج إلى إثبات الوقت ، لأنّ المطلوب مطلق الفعل من دون قيد.
فإن قلت : لا معنى للموقت إلّا ما يكون الوقت فيه قيدا وإلّا لجاز فعله في غير الوقت المضروب له ، ولكان كل واجب موقتا ضرورة احتياجه إلى ظرف الزمان فاندفع الايراد.
قلت : لا يلزم في الموقت أن يكون الوقت قيدا للواجب بل يمكن أن يكون قيدا للطلب ويكون الواجب بلا قيد فيصح استصحاب حكمه والاتيان به ، وعلى هذا فمحصّل الايراد أنه لو فرض كون الوقت قيدا للواجب كما يستفاد من كلام الماتن في التنبيهات من أنّ جميع القيود المأخوذة في الحكم يرجع إلى قيد الموضوع فالأمر كما ذكره من أنّه لا ينفع استصحاب الحكم حتى بناء على الوجه الأخير الذي أشار إليه بقوله اللهمّ إلّا أن يقال إنّه يكفي في الاستصحاب تنجّز التكليف سابقا الخ ، لأنّ استصحاب الوجوب لا ينفع في تحصيل قيد الواجب البتة ، فلو فرض أنّ الواجب هو الامساك النهاري فعند الشك في كون الزمان نهارا
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ١٣٤ ـ ١٣٥.