أطال في توضيح هذا المعنى والنقض والابرام فيه ومحصّله ما ذكرنا.
وفيه : أنّا إذا راجعنا وجداننا نجد الفرق بين إيجاب الحج مع الاستطاعة وبين إيجاب الحج على تقدير الاستطاعة ، فإنّ الطلب على الأول مطلق متعلق بالفعل المقيد ويلزمه تحصيل الاستطاعة لو لم تكن حاصلة لأنه يجب الاتيان بالفعل المقيد ، وإذا كان القيد أمرا اختياريا يجب تحصيله كنفس المقيد وليس هو إلّا كقوله يجب الصلاة مع الوضوء فإنه يجب تحصيل الوضوء أيضا كنفس الصلاة وكلاهما في حيّز الأمر ، وأمّا على الثاني فإن نفس المأمور به مطلق الفعل بلا قيد وإنما يكون طلبه على بعض تقادير الأحوال وهو تقدير حصول الاستطاعة فلا جرم يكون أصل الطلب مقيدا بالاستطاعة غير متحقق قبل حصولها فلذا لا يلزم تحصيل الاستطاعة.
وبالجملة لازم القول برجوع الواجبات المشروطة إلى المعلق وإرجاع الشرط إلى قيد المطلوب الالتزام بوجوب مقدّمات الواجبات المشروطة التي باعتبارها يقال إنّها مشروطة ، وهو كما ترى مما يقصم ظهر هذا القول ، ويؤنسك فيما ذكرنا ملاحظة الأمثلة العرفية في نحو طلبنا أهل العرف بعضنا بعضا فإنه لو قال إذا مرضت فاشرب الدواء وإذا ابتليت بوجع الضرس فاقلعه ، فإنّ المطلوب ليس شرب الدواء مع المرض ويكون الطلب مطلقا وإلّا لزم تحصيل موجب المرض مقدمة لفعل شرب الدواء المقيد ، بل المطلوب شرب الدواء على تقدير حصول المرض ، ولا دخل لحصول المرض في المطلوب بل هو مبغوض لكن الطلب معلّق عليه وعلى تقديره.
وما يقال من أنّ القيد في هذه الأمثلة راجع إلى المكلف لا الطلب فشرب الدواء مطلوب مطلقا لموضوع المكلف المريض ، وهكذا وجوب الحج مطلقا مطلوب للمستطيع ، فقبل حصول الاستطاعة لم يتحقق موضوع المكلف بعنوانه