ويوضّح ما ذكرنا أيضا : أنه قد تكون المصلحة في الفعل المقيد بحيث يكون القيد دخيلا في المصلحة بمعنى كونه معروض المصلحة والمصلحة قائمة بالفعل مع قيده ، وهذا كالصلاة مع القبلة والطهارة والستر وغيرها ، وقد تكون المصلحة في الفعل بلا قيد فيه إلّا أن الشيء يكون علة لعروض المصلحة للفعل كشرب الدواء حال المرض فإنّ المرض ليس قيدا للشرب بحيث يكون معروضا للمصلحة بل علّة لعروض المصلحة للشرب ، فاعتبار المرض ليس إلّا لأجل أنّ المصلحة تحصل به ، وعلى تقديره فيحسن شرب الدواء عنده ، ويتبعه أمر المولى بناء على القول بتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد النفس الأمرية للمأمور به.
ومما ذكرنا يندفع ما قد يفصّل في المقام من أنه لو قلنا بتبعية الأحكام لحسن المكلف به فالأمر كما ذكره المستدل من رجوع القيود بأسرها إلى قيد المطلوب ، وأمّا لو قلنا بتبعيتها لحسن التكليف أو قلنا بمقالة الأشاعرة من عدم لزوم وجود حسن وقبح في المكلف به أو التكليف بل يصح التكليف جزافا فيمكن أن يكون القيد قيدا للطلب ، وذلك لما عرفت من أنّ الأمر على القول بتبعية الحكم لمصلحة المأمور به وحسنه أوضح من القولين الآخرين في صحة كون القيد قيدا للطلب.
الثاني : أنّ تقييد الأمر والطلب بالشرط في الكلام الانشائي ليس إلّا كتقييد الخبر بالشرط في الكلام الاخباري ، وكما أنّ الشرط في الكلام الاخباري قيد للمخبر به لا الاخبار كذلك يكون الشرط والمعلّق عليه الأمر والطلب قيدا للمطلوب لا الطلب ، توضيحه أنّ القضية الشرطية في الاخبار كقولنا إن جاء زيد أكرمته إمّا أن يكون المقصود منه الاخبار بالملازمة بين مجيء زيد وإكرامه ، وإمّا أن يكون المعنى الاخبار بوقوع إكرام زيد في المستقبل ، لكن لا مطلقا على جميع التقادير بل على بعض التقادير وهو تقدير مجيئه ، وهذا في مقابل القضية الخبرية