ثم لا يخفى أنّ قاعدة الاشتغال جارية أيضا فيما أشرنا إليه سابقا وألحقناه بالقسم الأول ، وهو ما إذا تعلق التكليف بطبيعة الفعل كالجلوس في الوقت ، فإن كان ذلك التكليف أمرا كما لو أمر بطبيعة الجلوس من الصبح إلى الزوال وفرض أنّ المكلف ترك الجلوس إلى زمان الشك في الزوال يحكم بوجوب الجلوس حينئذ بحكم قاعدة الاشتغال ، وإن كان نهيا ولازم النهي عن الطبيعة كالجلوس في الوقت المحدود كالصبح إلى الزوال حرمة جميع أفراده فيه يحكم بحرمة الجلوس عند الشك في الزوال ، سواء كان تاركا للجلوس من أوّل الوقت إلى ذلك الحين أو تحقق منه العصيان بإيجاد طبيعة الجلوس في سابقه في فرد آخر ، لما عرفت من أنّ النهي عن الطبيعة يقتضي حرمة جميع أفرادها الواقعة في الوقت.
قوله : وإن كان تخييرا فالأصل فيه وإن اقتضى عدم حدوث حكم ما بعد الغاية الخ (١).
الإنصاف أنّا لا نجد فرقا بين صورة كون حكم ما بعد الغاية تكليفا منجزا يجب فيه الاحتياط كالوجوب والحرمة وبين غيرها ، فإن أصل عدم حدوث حكم ما بعد الغاية إن كان جاريا يكون جاريا مطلقا في الصورتين ، ولا تعارضه قاعدة الاشتغال كما لا تعارضه قاعدة البراءة على ما هو مقرر في محله عند تعارض الاستصحاب مع سائر الاصول وحكومته عليها.
قوله : وأمّا الثاني وهو ما لوحظ فيه الفعل امورا متعددة الخ (٢).
التحقيق أن يقال إنّ ما ذكره من كون المرجع في هذا القسم أصالة البراءة والاباحة إنما يتم فيما إذا علم أنّ مورد التكليف فيه نفس تلك الامور من حيث
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ١٨٠.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ١٨٠.