الاستصحاب المذكور لكن نقول قد ثبت بالإجماع إلى آخر ما ذكره في تقرير قاعدة الاشتغال ، فإن كان مراده من الدليل أعمّ من قاعدة الاشتغال لم يكن وجه للعدول عن الوجه الأول وهو التمسك بالأخبار إلى التشبّث بالإجماع وضميمة قاعدة الاشتغال وهو ظاهر.
قوله : وفي مثل هذا المقام لا يجري أصالة البراءة ولا أدلّتها الخ (١).
ونظيره ما حقّقه المصنّف في باب الوضوء لو فرض الشك في شرطية شيء أو جزئيته له من أنّ الأصل فيه الاحتياط دون البراءة وإن قلنا بالبراءة في مسألة الأقل والأكثر الارتباطي ، لأنّ المأمور به وهو الطهارة من الحدث أمر بسيط لا تركيب فيه ومفهومها غير مشتبه وإنّما الشك فيما يتحقق به ذلك المفهوم ، وأدلّة البراءة لا تتكفّل إلّا لبيان حكم الشبهة في الحكم الشرعي الذي لا بدّ أن يؤخذ من الشارع ومتعلّقه لا ما كان من مقدّمات حصول المأمور به ومحققه ، وهنا وجوب فعل الطهارة معلوم ، كما أنّ فيما نحن فيه وجوب تحصيل الطهارة من الخبث معلوم وإنما الشك في محققه وأنه هل تحصل بالتمسّح بشعب الحجر الواحد أم لا تحصل إلّا بثلاثة أحجار ، لكن التحقيق خلاف ما حقّقه وهو أن يقال إنّ ما يتحقق به المأمور به ويكون مقدّمة لحصوله إن كان من الامور العرفية فالأمر كما ذكره من لزوم العلم بتحققه ولو بالاحتياط ولا يجري فيه أدلّة البراءة ، وأمّا إذا كان من الامور الشرعية كالوضوء بالنسبة إلى الطهارة الحدثية والغسل مرتين بالماء الطاهر المطلق بشرط وروده على النجس مثلا بالنسبة إلى الطهارة الخبثية فلا مانع من جريان أدلّة البراءة ، وبالجملة أدلّة البراءة مسوقة لبيان حكم الشبهة فيما من شأنه أن يؤخذ من الشارع سواء كان نفس المأمور به أو ما يحققه إذا كان المحقق
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ١٨٨.