والفسق دخوله في أحدهما وخروجه عن الآخر ليس بأولى من العكس ، وهذا معنى قوله فنسبة دليلي العموم والتخصيص إليه على السواء ، لأنّا نقول سلّمنا التنويع المذكور بحسب لبّ مراد الآمر ، إلّا أنّ المكلف به بظاهر الدليل هو العنوان المأخوذ في الدليل وليس إلّا عنوان العالم المعلوم الشمول لزيد وعنوان الفاسق المشكوك الشمول له ، فنأخذ بظاهر العام إلى أن يعلم خلافه ونحكم على زيد بحكم العام.
قوله : مع أنّ ما ذكره في معنى النقض لا يستقيم الخ (١).
لأنّ اليقين بحصول الغاية لا يعارض الدليل الدالّ على الحكم المغيّى ، إذ لا اقتضاء للحكم المغيّى عند حصول الغاية لانتهاء حدّه حينئذ ، مع أنه عبّر هنا أيضا بالنقض ، فيعلم منه أنّ النقض ليس معناه التعارض على ما ذكره ، وأمّا على المعنى الذي اختاره في المتن فيصح بأن يكون الشيء بذاته مقتضيا لأثر وحصل اليقين بالمانع عنه فلم يترتّب الأثر ، وباعتبار وجود المقتضي يصدق التعارض بينه وبين المانع هذا ، لكن قد عرفت في الحاشية السابقة أنّ التعارض لا يتحقق مع الشك في حصول الغاية أيضا لعدم إحراز المقتضي فضلا عن العلم بحصولها.
قوله : ومن المعلوم أنّه ليس في شيء منهما دليل يوجب اليقين لو لا الشك (٢).
فإن قلت : الدليل موجود وهو حكم العقل ببقاء الشغل إلى أن يعلم بالبراءة. قلت : مراد المحقق من الدليل هو الدليل الاجتهادي لا مثل قاعدة الاشتغال التي تعدّ من الاصول ، يشهد بذلك قوله بعد ذلك فإن قلت هب أنّه ليس داخلا في
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ١٨٧.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ١٨٨.