الثاني وإن كان اليقين بحقيقته غير متحقق فيه لكن لمّا كان اليقين المأخوذ فيما نحن فيه هو اليقين على وجه الطريقية لا الموضوعية كما سيأتي في الأمر الآتي وكان دليل جعل البيّنة ونحوها متكفلا لقيامها مقام اليقين الوجداني من حيث الطريقية كفى ذلك في شمول إطلاق أخبار الاستصحاب له أيضا ، وأمّا القسم الثالث فليس مجرى للاستصحاب ، مثلا لو حكمنا بطهارة شيء خاص بمقتضى قاعدة الطهارة ثم شككنا في بقاء طهارته للشك في ملاقاته للنجاسة بعد حكمنا بطهارته ظاهرا لم يجز التمسك ببقاء طهارته أعني الطهارة الظاهرية الثابتة بحكم القاعدة بدليل الاستصحاب ، وذلك لأنّ نفس القاعدة الأوّلية التي حكمنا بسببها بطهارة هذا المشكوك مغنية عن استصحابها ، لا لأنّ الاستصحاب غير محتاج إليه في الحكم بالطهارة لكفاية القاعدة عنه ، إذ يكفي في صحة جريانه أن يكون الدليل على الطهارة متعددا ، بل لأنّ المتيقن السابق باق على صفة اليقين بعد لم يطرأ عليه الشك ، لأنّ حكمنا بطهارته ظاهرا المستفاد من قوله «كل شيء طاهر» كان مغيّا بالعلم بالقذارة فما لم يحصل الغاية نعلم بالطهارة الظاهرية المفروضة ، فأين الشك بالنسبة إليها حتّى يكون مجرى للاستصحاب ، وإنما طرأ الشك الثاني أيضا بالنسبة إلى الطهارة الواقعية ، كما أنّ الشك الأول كان كذلك ، نعم يمكن فرض جريان الاستصحاب بالنسبة إلى مفاد الاصول أيضا فيما إذا لم يكن دليل حكم الأصل مغيّا بالعلم بالخلاف كما في قاعدة الطهارة وقاعدة البراءة وقاعدة الاستصحاب ، بل كان مثبتا لمدلوله في الجملة على نحو الاهمال ثم حصل الشك في الزمان المتأخر في بقاء ما ثبت ظاهرا في الزمان الأول فإنه لا مانع من جريان استصحابه من هذه الجهة ، مثاله أنا إذا شككنا في أنّ أصل التخيير التعبّدي الثابت في الخبرين المتعارضين المتعادلين بدوي أو استمراري ولم يظهر لنا من قوله (عليهالسلام) «إذن فتخيّر» إرادة أحدهما نحكم ببقاء التخيير بعد اختيار أحد