الخبرين بحكم الاستصحاب ، وما يقال إنّ هذا الاستصحاب معارض باستصحاب بقاء الحكم المختار فهو كلام آخر لسنا بصدده الآن ، وإنّما المقصود أنّ كون المستصحب حكما ظاهريا واليقين بأنه كذلك غير مانع عن جريان الاستصحاب ولو حصل منه في المورد التعارض والتساقط ، ونظير المثال التخيير في الرجوع إلى المجتهدين المتساويين أو غير المتساويين بالنسبة إلى المقلد.
الأمر الثاني : أنّ المراد من اليقين السابق هو اليقين الطريقي دون الموضوعي ، لأنّ الحكم المترتب على صفة اليقين مقطوع الانتفاء حال الشك كما هو واضح ، وقد مر في أول رسالة القطع أنّ من خواص القطع الطريقي قيام الاصول مقامه دون الموضوعي ، وفي حكم القطع الموضوعي ما لو دل دليل على أنّ الحكم الكذائي أو الموضوع الكذائي دليل ثبوته منحصر في العلم ، فإنّ نفس الحكم وإن لم يكن متعلقا بالعلم بل بالواقع إلّا أنّ تنجّزه متوقف على حصول العلم به بمقتضى ذلك الدليل ، فلا جرم لا يقوم مقامه أصل من الاصول ، ولعله من هذا القبيل ما ورد في الركعتين الاوليين من اعتبار العلم بهما لا كما فهم غير واحد من كون العلم موضوعا ، وتظهر الثمرة فيما إذا أتم الصلاة بعد طروّ الشك في أولييها بوجه صحيح من غير جهة هذا الشك واتفق مطابقتها للواقع من جهة هذا الشك ، فإنّ الصلاة صحيحة واقعا بناء على الطريق المنحصر فاسدة بناء على الموضوعي.
الأمر الثالث : أنه قد ظهر من مطاوي الكلمات السابقة أنه لا يعتبر في جريان الاستصحاب تقدم زمان اليقين على زمان الشك ، بل المعتبر تقدم زمان المتيقن على المشكوك سواء كان اليقين في زمان المتيقن والشك في زمان المشكوك أو كان كلاهما في زمان المشكوك أو كان كلاهما في زمان المتيقن أو قبله أيضا ، فإنه يجري الاستصحاب في جميع الصور المفروضة لاطلاق أخباره ، ومن أمثلته ما لو شك المشتري للجارية من البائع الفضولي في لحوق إجازة