فلأن استصحاب الكلي إنما يفيد بالنسبة إلى ترتيب آثار القدر المشترك لا الأثر الثابت للفرد من حيث خصوصه ، وهذا بخلاف استصحاب نفس الفرد فإنه يفيد ترتّب الآثار الثابتة لنفس الفرد أيضا كما يفيد ترتب آثار الكلي ، يوضح ذلك ما لو فرضنا أن الشارع جعل خصوص ملاقاة الثوب للبول مانعا عن الصلاة فيه ، وكذا جعل خصوص ملاقاة الدم أيضا مانعا ولم يجعل ملاقاة كلي النجاسة مانعا ، فعند العلم بملاقاة الثوب لأحدهما ثم الشك في بقاء النجاسة ولو من جهة العلم بارتفاع النجاسة الدمي على تقدير كون الملاقاة بالدم ، فلا شك أنه لا فائدة في استصحاب الكلي أعني بقاء كلي النجاسة ، إذ المفروض أنّ الأثر مجعول لخصوص البول والدم دون كلي النجاسة ، وأما استصحاب الفرد فينفع قطعا فنقول الأصل بقاء شخص تلك النجاسة السابقة المؤثرة في منع جواز الدخول في الصلاة ، بل قد يكون الأثر لنفس الخصوصيتين ولا جامع بينهما إلّا القدر المشترك الانتزاعي كما إذا علم إجمالا بأنه إما محدث وإما بدنه نجس ، أو أنه إمّا محدث أو لباسه من غير مأكول اللحم أو من الحرير أو نجس وهكذا ، فإنه ليس هنا قدر مشترك يمكن أن يكون هو المانع عن الدخول في الصلاة حتى يمكن دعوى جريان استصحاب الكلّي فافهم واغتنم.
الثاني : أن المصنف (رحمهالله) لم يستوف حكم أمثلة القسم الثاني من استصحاب الكلي وإنما تعرض لحكم بعض أمثلته بالنسبة إلى الشك في الرافع ، وهو ما إذا تردد المتيقن السابق بين متيقن الزوال ومتيقن البقاء في صورة وجوب الجمع بين رافعيهما ، وهناك أمثلة أخر لا يجب فيها الجمع بين الرافعين مع أنها محل الكلام في جريان استصحاب الكلي ، منها : ما تقدم من دوران الخارج بين البول والحيض أو بين الحيض والمني. ومنها : دوران النجاسة بين البول والدم بالنسبة إلى تطهيرها بناء على القول بأنّ البول يحتاج إلى تعدد الغسل والدم يكفي