منها يصدق أنّها موجودة حقيقة ، لأنّ هذا نحو تحققه وكيفية وجوده ، فيقال إنّ الليل الذي هو عبارة عن قطعة من الزمان الواقعة بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر موجود حقيقة في جميع الآنات الواقعة بين الحدّين ، وهكذا في الحركة والتكلم ونحوه ، وإن كان الموجود في كل آن جزء ذلك المجموع لا تمامه ولا ضير ، لما عرفت من أنّ نحو وجوده هو ذلك ، وحينئذ نقول لو شك في زمان أنه من الليل أو من النهار وانقضى الليل قبله فيصح أن يقال إنّ شخص هذا الليل كان موجودا قبل هذا الجزء من الزمان أعني بنحو الوجود التصرمي والأصل بقاؤه ، وإن كان وجوده سابقا بوجود جزئه السابق وبقاؤه الآن ليس إلّا بوجود جزئه اللاحق ولا ضير بعد العلم بأنّ وجود الليل وجود واحد كذائي وهذا معنى :
قوله : لأنّ بقاء كل شيء في العرف بحسب ما يتصوّر فيه العرف من الوجود الخ (١).
فتأمّل وإن شئت توضيحه فلاحظ حال القطع ببقاء الليل وعدم طلوع الفجر فهل تجد معنى لبقائه ما سوى أنه موجود بوجود الجزء اللاحق ، بل التحقيق أنّ معنى بقاء وجود الامور القارة أيضا ذلك فإن بقاء وجود زيد لا معنى له إلّا استمراره ، ومجموع الوجود المستمر من أوله إلى آخره وجود واحد بالشخص وتحققه في السابق كان باعتبار تحقق جزئه السابق ، وبقاؤه يكون باعتبار تحقق جزئه اللاحق وإلّا فنفس وجود زيد في يوم الجمعة ليس باقيا يوم السبت وإلّا لم يكن وجوده ممتدا في يومين ، وبهذا البيان اندفع كلا الإشكالين في استصحاب الزمان ، أمّا الأول فلمنع أنّ البقاء هو الكون في الزمان الثاني بعد كونه في الزمان الأول حتى يلزم في استصحاب الزمان أن يكون للزمان زمان ، بل المراد به
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٠٤.