اللهم إلّا باستصحاب الكلي بدعوى أنه يصدق في آن وجود الجزء الأول من الزمان أنّ طبيعة الزمان موجودة وذلك الزمان من الليل قطعا ، فإذا شك في جزء من الزمان أنّ الطبيعة بعد باقية بوجود آخر لجزء آخر من الزمان فيستصحب بقاء الطبيعة في ضمن جزء آخر ، وما مر من أنّ الليل شخص واحد بأجمعه لا ينافي ما ذكرنا ، لأنّ التحقيق أنّ وجود الكلي لا يتوقف على وجود الشخص بل يوجد قبل وجود الشخص ، ألا ترى أنه لو اريد رسم خط طوله ذراع ثم شرع في رسمه حتى بلغ إلى نصف ذراع فلا ريب في أنه لم يوجد بعد شخص الخط الذي هو مشغول برسمه ولم يتمه مع أنّ المقدار الموجود من هذا الشخص يصدق عليه طبيعة الخط حينئذ ، وما اشتهر في ألسنتهم من أنّ الشيء ما لم يتشخّص لم يوجد محل نظر قد عرفت خلافه في المثال ، وتمام البيان موكول إلى محله.
ثم إنّ البيان الذي ذكرنا في استصحاب الزمان بناء على القول بأنّ الزمان أمر موجود ممتد يعبّر عنه بالكم المتصل غير القار الذات واضح ، وأمّا على القول بأنه آن سيّال من الأزل إلى الأبد فتقريب جريان الاستصحاب فيه أن يقال إنّ الليل مثلا محدود بين حدّين غروب الشمس وطلوع الفجر ، وقبل الشك في بقاء الليل كان ذلك الآن السيال موجودا بين الحدين قطعا ، فإذا شككنا في بقائه بينهما أو خروجه فالأصل بقاؤه بين الحدين وعدم خروجه ، وأمّا على القول بأنه تتالي الآنات فيشكل جريان الاستصحاب فيه ، إذ الآنات على هذا القول موجودات متعددة غاية الأمر أنّها متتالية كلما عدم فرد منه وجد فرد آخر منه بعده بلا فصل ، فالفرد المتيقن في السابق منعدم حال الشك قطعا فكيف يحكم ببقائه ، اللهم إلّا أن يلتزم بجريان استصحاب الكلي لكنه من قبيل القسم الثاني من القسم الثالث من استصحاب الكلي وقد مر الإشكال فيه ، إلّا أن يقال إنه من قبيل ما يعدّ الفرد اللاحق عين الفرد السابق عند العرف نظير ما مرّ من السواد الضعيف والسواد