الدين والشريعة والملة ونحوها كما ورد في الأخبار ، فيلزم أن يكون جميع أحكام الشريعة المنسوخة محدودة إلى مجيء الشريعة الناسخة ، ولا ينافي ذلك تطابق جملة من أحكام الشريعتين كحرمة الظلم والسرقة والزنا وشرب الخمر ونحوها مثلا ، إذ يمكن نسخها بملاحظة الشريعة السابقة وجعلها وانشاؤها ثانيا بملاحظة الشريعة اللاحقة ، بمعنى أنّ الشارع أمر باتّباع شريعة موسى (عليهالسلام) أو عيسى (عليهالسلام) مثلا إلى زمان محمد (صلىاللهعليهوآله) ومن جملة أحكامها حرمة الظلم والسرقة ، ثم أمر عند مجيء محمّد (صلىاللهعليهوآله) باتّباع شريعته التي من أحكامها حرمة الظلم والسرقة أيضا ، غاية الأمر أنّ بعض أحكام الشريعة اللاحقة مماثلة لأحكام الشريعة السابقة لا أنه لم ينسخ الشريعة السابقة باعتبار هذا الحكم.
إذا تحقق ذلك فنقول : لا معنى لاستصحاب حكم من أحكام الشريعة السابقة ، لأنّ نفس ذلك الحكم مقطوع الارتفاع بحصول غاية الشريعة السابقة وحدّها ، وحدوث مثله في الشريعة اللاحقة لو فرض ليس ببقاء له ، فلو شك فيه فالأصل عدمه ، والحكم بثبوته قياس لا استصحاب ، ويشهد لما ذكرنا أنه لم يحتمل أحد جواز التمسك باطلاقات أدلة أحكام الشرائع السابقة عند الشك في نسخها لو كان فيها إطلاق أزماني نظير قوله (عليهالسلام) «الناس مسلّطون على أموالهم» (١) بل يتمسكون بأصالة الاباحة قبل الشرع أو أصالة الحظر على الخلاف ، ودعوى أنّ ذلك حيث لم يكن إطلاق دليل من الشرع السابق وإلّا فلعلّهم يتمسكون بالاطلاق ، مدفوعة بأنّ الأخذ بجانب الأصل مشروط بالفحص عن الدليل وعدم الظفر به ، ولم يعهد من أحد الفحص أوّلا عن أحكام الشرائع
__________________
(١) عوالي اللآلي ٣ : ٢٠٨ ح ٤٩ ، بحار الأنوار ٢ : ٢٧٢.