أردنا نحن استصحاب حكم من الشريعة السابقة لأنّا لم ندرك الشريعة السابقة ، ودعوى مشاركتنا للمدرك للشريعتين في الحكم فيتم المطلوب بالإجماع المركب ، مدفوعة أوّلا : بأنّ ذلك فرع العلم بأنّ ما هو مشكوك لنا اليوم ونريد أن نستصحب حكم الشريعة السابقة بالنسبة إليه كان مشكوكا عند من أدرك الشريعتين وجرى الاستصحاب في حقه وأنّى لك باثباته ، فلعلّه كان عالما بالحكم أو كان شاكا ولكن لم يكن متيقنا لحكم الشريعة السابقة فلم يجر الاستصحاب في حقه.
وثانيا : أنّ التمسك بالإجماع المركّب إنما يجري بالنسبة إلى الأحكام الواقعية فإنه إذا علم وجوب الشيء الفلاني مثلا على زيد واقعا ، يحكم بوجوبه على جميع المكلّفين للإجماع على عدم الفرق بين زيد وغيره في الأحكام الشرعية ، وهذا بخلاف الأحكام الظاهرية الثابتة بالاصول العملية فلو جرى الاستصحاب في حق زيد لوجود أركانه من اليقين السابق وشكه في اللاحق وحكم بوجوب شيء عليه بالاستصحاب لا يمكن إثبات وجوب ذلك الشيء على غير زيد ممّن لا يتم عنده أركان الاستصحاب ، بل قضية مشاركة زيد مع غيره في الأحكام تقتضي أن يكون غير زيد أيضا مثله في أنه كلما استكمل عنده أركان الاستصحاب جرى في حقه الاستصحاب وإلّا فلا.
قوله : ولعلّه من سهو قلمه (١).
لم يعلم أنّ المستدل استشهد بتسرية حكم الحاضرين إلى الغائبين على مدّعاه ، بل محل استشهاده خصوص تسرية حكم الموجودين إلى المعدومين ، وإنما ذكر الحاضر والغائب تطفّلا بمناسبة اشتراكهما في جريان أدلة الاشتراك
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٢٦.