وقد يقال إنّ كل جزء يوجد يتصف بالصحة في حدّ نفسه من غير توقّف على وجود الأجزاء التالية.
ولا يخفى أنه لا وجه لدعوى جريان استصحاب الصحة في أثناء العمل على الاحتمال الأول ، لأنّ وصف الصحة قبل تمام العمل مقطوع العدم على هذا الاحتمال ، وكذا على الاحتمال الثاني لفرض عدم تحقق اليقين بالصحة إلّا بعد تمام العمل فلا متيقن في أثناء العمل حتى يمكن استصحابه ، فانحصر صحة دعوى جريان الاستصحاب في الاحتمال الثالث لأنه بوجود كل جزء نحكم بوصفه بالصحة واقعا بالفرض ، ويمكن أن يشك في الصحة فيما بعده ونقول فيه إنّ المفسد المحتمل قد يكون إفساده بمعنى أنه مانع عن صحة الأجزاء الباقية كما يظهر من المتن ، وقد يكون بمعنى أنه مزيل لوصف الصحة عن الأجزاء الماضية ، وقد يكون بمعنى أنه مزيل لصحة الأجزاء الماضية مانع عن صحة الأجزاء التالية ، فإن كان الثاني فلا مانع من جريان استصحاب الصحة عند الشك فيها لفقد ما يشك في شرطيته أو وجود ما يشك في مانعيته ، وإن كان الأول فلا معنى لاستصحاب الصحة عند الشك للعلم بصحة الأجزاء الماضية ، وإنما الشك في وجود الصحة بالنسبة إلى الأجزاء اللاحقة ، فليس هناك شيء يمكن استصحابه كما بيّنه في المتن.
وأمّا على الثالث ، فإنه وإن أمكن إجراء استصحاب الصحة أعني صحة الأجزاء السابقة إلّا أنه لا يفيد بالنسبة إلى الأجزاء اللاحقة للزوم إحراز صحتها أيضا وهي مشكوكة من الأصل ، والحاصل أنه يمكن إجراء استصحاب الصحة على بعض الوجوه ، فيمكن حمل كلام من تمسك به على ذلك الوجه.
لكن الانصاف عدم جريانه لما عرفت من انحصار مورد جريانه بما إذا شك في الفساد بالمعنى الثاني ، ولا نعلم له مصداقا في الشرعيات في الصوم والصلاة