والحج ونحوها ، إذ ما علم لنا من مفسداتها أو شك فيه مردّد بين كونه مفسدا للسابق فقط أو اللاحق فقط أو هما معا ، والاستصحاب لا يجري إلّا إذا علمنا بأنه من القسم الأول ولم نعلم به.
ثم لا يخفى أنّ الحق من الوجوه الثلاثة المتقدمة لاتصاف العمل بوصف الصحة هو الوجه الثاني ، لأنّ الكلام في المركّب الارتباطي ، ولا معنى للارتباط سوى توقف صحة كلّ جزء منه على وجود الآخر وصحته ، وقد عرفت أنه لا معنى لاستصحاب الصحة على ذلك الوجه ، وقد ظهر مما ذكرنا أنّ المصنف في اختياره عدم جريان استصحاب الصحة بنى الأمر على الوجه الأول من الاحتمال الثالث بدعوى عدم معقولية الوجهين الآخرين وسيأتي ما فيه.
قوله : ضرورة عدم انقلاب الشيء عما وجد عليه (١).
انقلاب الشيء عمّا وجد عليه ضروري البطلان لكن بحسب التكوين ، وأمّا بحسب الجعل والتشريع فيمكن أن يجعل الشارع الموجود كالمعدوم تنزيلا ولا دليل على بطلان هذا الانقلاب ، بل الدليل على صحته قائم ، ومسألة الحبط والتكفير اللذين نطقت بهما الآيات والأخبار من هذا القبيل.
قوله : ومن المعلوم أنّ هذا الأثر موجود في الجزء دائما الخ (٢).
الظاهر بل المقطوع أنه أراد من الأثر المذكور قابلية الانضمام الشأنية وهي كما ذكره ثابتة للجزء دائما ، وأمّا القابلية الفعلية لانضمام باقي الأجزاء والتيام المركّب منها فثابتة للجزء قبل عروض المبطل ، فإذا وجد المبطل زال وصف القابلية المذكورة قطعا ، وإذا شك في عروض المبطل شك في بقاء الوصف المذكور فيكون محلا للاستصحاب ، والحاصل أنه لو كان الشك في طريان الفساد
__________________
(١ ، ٢) فرائد الاصول ٣ : ٢٥٦.