مانع من أن تستصحب الأحكام المزبورة حتى يعلم نسخها ، نعم ليس للكتابي أن يلزمنا بذلك لأنّا لا نشك في تحقق البشارة المذكورة وأن المبشّر به هو نبينا (صلىاللهعليهوآله).
قوله : الخامس أن يقال إنّا معاشر المسلمين الخ (١).
لا يخفى أنّ إيراد الكتابي وهو أنّ موسى بن عمران (عليهالسلام) أو عيسى ابن مريم (عليهالسلام) شخص معيّن وجزئي حقيقي اعترف المسلمون بنبوّته على أي نحو كان فتستصحب نبوّته إلى أن يعلم النسخ وارد عليه ظاهرا. ويمكن أن يوجّه بوجه لا يرد عليه ذلك ، وهو أن يقال إن ما اعترف به المسلمون ليس إلّا النبوّة المغيّاة بمجيء محمّد (صلىاللهعليهوآله) لا النبوّة المطلقة أو المجملة المحتملة للبقاء ، بل المقيّدة بالغاية التي لا تحتمل البقاء بعدها ، فلم يبق محل للاستصحاب ، وأنت خبير بأنّ هذا الجواب أيضا بعد اللتيا والتي إنما يصح في مقام المجادلة وإلّا فليست النبوّة المقيّدة بالغاية نوعا من النبوّة والنبوّة غير المقيّدة بها نوعا آخر كي يصح الاعتراف بأحدهما وإنكار الآخر ، بل هي حقيقة واحدة قد تنسخ وقد لا تنسخ.
وحينئذ فالتحقيق في جواب الكتابي أن يقال : إنّ الاستصحاب حكم الشاك بعد الفحص المعتبر ولا شك للمسلمين في حقّية دينهم بل وكذا أهل الكتاب في الأغلب ، ولو فرض حصول الشك لأحد من أهل الفريقين علينا أن نقيم البيّنة حتى يرتفع شكّه ، وعليه أن ينظر في صحة بيّنتنا حتّى يزيل الشك عن نفسه ، ولا محل للعمل بالاستصحاب قبل ذلك ، ولو فرض أنه لم يرتفع شكه بعد كمال الفحص والنظر وبذل غاية الجهد فلا غائلة في استصحاب الشريعة السابقة على
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٧٠.