قوله : فظاهر كلماتهم أنه لا يقدح فيه وجود الأمارة غير المعتبرة (١).
فيه : أنّا وإن لم يحصل لنا التتبّع التام في كلماتهم إلّا أنّ ما تمسكوا به لحجية الاستصحاب من باب الظن من بناء العقلاء يشهد بأنهم لا يقولون بهذا الاطلاق المدّعى ، فإنّ بناء العقلاء على الاعتماد على الظن النوعي ما لم يحصل الظن الفعلي على خلافه كما هو كذلك في بنائهم في ظواهر الألفاظ ، وعدم اعتبار الشارع لهذا الظن على الخلاف أو المنع عن العمل به لا يثبت حجية ذلك الظن النوعي أو بناء العقلاء على اعتباره ، نعم لو كان الظن الشخصي على الخلاف حاصلا ممّا لا يرتضيه العقلاء من مثل الرؤيا والاستخارة فالظاهر أنهم لا يعبئون به ويأخذون بذلك الظن النوعي ، والسرّ في ذلك كله أنّ العقلاء لا يرون ما سوى الوصول إلى الواقع ، وليس في طريقتهم أن يتعبّدوا بشيء مطلقا ، ولذا يتحرّون أوّلا في بلوغ مقاصدهم العلم فإن لم يحصل فالظن الشخصي القوي ثم الضعيف فإن لم يحصل فالظن النوعي وهكذا.
قوله : فيؤول إلى اجتماع الظن والشك الخ (٢).
هذا كلام مستأنف يريد به بيان نفس الأمر بعد جريان الاستصحاب ، وليس تتمة لدفع التناقض المتوهم فإنه قد اندفع بكلامه السابق ، من أنّ المراد باليقين هو اليقين السابق وبالشك الشك اللاحق ، وحينئذ فلا يرد ما أورد عليه في المتن من قوله نعم يرد على ما ذكرنا من التوجيه الخ ، كما لا يرد عليه ما حكاه في المتن وأجاب عنه بالتوجيه المشار إليه ، وقد حكى المصنف هذه العبارة بعينها عن الشهيد في أول بحث الاستصحاب في رابع الامور التي ذكرها في ذيل تعريف
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٨٧.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٢٨٧.