وأمّا في صورة احتمال بقائه فلا يلزم شيء من المحذورات المذكورة ، فلو شك في بقاء عدالة زيد مع الشك في أصل وجوده أيضا مع احتماله جاز استصحاب عدالة زيد ولا محذور ، فإنّ محل العدالة في الزمان الثاني هو زيد كما كان في الزمان الأول ، فلم يبق العارض أعني العدالة بلا محل ولا في غير الموضوع الأول ، وليس العارض عدالة اخرى غير العدالة السابقة مماثلة لها ، والحكم بعدم عدالة زيد في هذا الحال يصدق عليه النقض ، نعم استصحاب عدالة زيد بهذا المعنى مع الشك في وجود زيد لا ينفع غالبا فيما يتعلق بالأحكام الشرعية ، لأنّ الآثار الشرعية المترتبة على العدالة إنما تترتّب على وجودها المشخّص المعيّن كجواز الاقتداء والتقليد وصحة الطلاق وسماع الشهادة لا على مجرد وجود عادل في الدنيا ، إذ لا يمكن الاقتداء إلّا بشخص معيّن يصلّي أمام المقتدي وهكذا في باقي الأمثلة ، نعم يمكن فرض كون الأثر مترتبا على مجرد وجود عدالة زيد في الدنيا من غير اعتبار تعيين زيد كما إذا نذر أن يتصدّق كل يوم بدرهم ما دام عدالة زيد باقية ، فاستصحاب عدالة زيد هنا يؤثّر في وجوب التصدّق ما دام جاريا ، ولعل إطلاق كلام المصنف باشتراط العلم ببقاء الموضوع بملاحظة ندرة موضع الثمرة في غير حال العلم بالبقاء أو تخيّل عدمه ، لكن تعليله بقوله إذ لا بدّ من العلم بكون الحكم بوجود المستصحب ابقاء والحكم بعدمه نقضا انتهى ، قد عرفت ما فيه ، فإنه يصدق الابقاء والنقض بالنسبة إلى المستصحب مع الشك في الموضوع.
لا يقال : استصحاب عدالة زيد بمعنى الحكم ببقائها والبناء عليه في الخارج لا يجتمع مع التردد والشك في وجود زيد في الخارج ، لأنّ العدالة الخارجية ملازمة لوجود المحل المتقوم به وجود الحال في الخارج وإلّا لزم أحد المحاذير المتقدمة.
لأنّا نقول : فرق بين قولنا يجب العلم بوجود الموضوع في الخارج أوّلا ثمّ