حكم الشارع بل هو يقين بمؤدّى الأمارة بحكم الشارع ، فكما أنّ اليقين الوجداني على خلاف الحالة السابقة غاية للنهي عن نقض اليقين السابق ووارد عليه ، كذلك اليقين الشرعي ، فينحصر مورد الاستصحاب في الشك الذي لم يقم على خلاف حالته السابقة المتيقنة أمارة ، ولعله إلى هذا البيان أشار في المتن في تحرير التخصص بقوله : وإن شئت قلت إنّ المفروض دليلا قطعي الاعتبار فنقض الحالة السابقة نقض باليقين انتهى ، هذا.
ويمكن تقرير الورود بوجه آخر : وهو أن يقال إنّ جعل الاصول بحكم العادة وبناء العقلاء مختص بما إذا لم يكن دليل في موردها ويستفاد هذا المعنى أيضا من سياق ألفاظ أدلة الاصول أيضا فلا تشمل موارد الأدلة (١).
وأمّا بيان الحكومة فقد مر في أوّل رسالة الظن أنه قسمان قصدي وقهري ، والمراد من الحكومة القصدية أن يقصد من الدليل الحاكم شرح الدليل المحكوم تخصيصا أو تعميما كما يقال إنّ قوله لا حرج في الدين ناظر بمدلوله إلى أنّ الأحكام المجعولة في الدين مخصوصة بغير مواردها الحرجية ، ومن الحكومة القهرية أن يكون الدليل الحاكم بحيث يستلزم عدم المحكوم مثلا وإن لم يقصد منه ذلك كما يدّعى في حكومة الأصل في الشك السببي بالنسبة إلى الشك المسبب ، ففيما نحن فيه توجيه حكومة الأدلة والأمارات على الاستصحاب أن يقال إنّ أدلة حجية الأمارات ناظرة قصدا أو قهرا إلى إلغاء الحكم المجعول على خلاف مؤدّى الأمارة ، ولا يخفى أنّ انفهام حكومة الأمارة على أدلة الاصول قصدا في غاية البعد بأن يكون الشارع عند جعل الأمارة بصدد بيان إلغاء حكم الاصول في
__________________
(١) أقول : هذه دعوى لم يقم عليها بيّنة ولم يساعدها أذهاننا وإن أصرّ عليها سيدنا الاستاذ (دامت بركاته) واختار هذا الوجه من بين الوجوه.